بشير صفيريبدو أن زياد كريدي (1974) قد ثبّت رجلاً في وطنه الأم. هذه الصورة توحي بها حفلته المحلية المقبلة، التي تأتي بعد أقل من سنتيْن على آخر إطلالة له في لبنان. عازف البيانو الشاب الذي يعيش في فرنسا حيث درس ثمّ ركّز نشاطه الموسيقي بين عزف وتعليم وبحث، يعود هذه السنة إلى «جامعة البلمند» (شمال لبنان) ليقدّم برنامجاً مميزاً.
لا ضرورة هنا لتكرار ما قلناه عن كريدي ومسيرته الفنية وبحوثه (راجع «الأخبار» عدد 21/1/2009 ). غير أنّ ما يلفتنا في الأمسية هو البرنامج الذي سيقدّمه كريدي، وخصوصاً لجهة مقارنته ببرنامج السنة الماضية.
صحيحٌ أن ما اختاره لأمسيته يدخل ضمن نشاطه هذه الفترة، إذ إنّ الريبرتوار الذي يؤديه سبق أن أدّاه الشهر الماضي في أمسية أقامها في فرنسا، وسيصدر جزءٌ منه في أسطوانة مرتقبة، لكن يبدو أن كريدي اتجه إلى أعمال أكثر «شعبية» هذه المرة، ربما مراعاةً لعلاقة الجمهور اللبناني بالموسيقى الكلاسيكية.
السنة الماضية قدّم أعمال أسماء كبيرة مثل فريدريك شوبان، وكلود دوبوسي، وديودا دو سيفيراك وهنري دوتيّو وغيرهم، لكنها تبقى ضمن الريبرتوار غير التقليدي (وخاصة أعمال الاسمَيْن الأخيرَيْن، باستثناء شوبان طبعاً). أما بعد غدٍ الجمعة، فعلى برنامج الأمسية موزار وهايدن وشوبان.
من عند الأول، اختار أحد أشهر أعمال البيانو، أي السوناتة k. 331، التي يصعب أن نجد من لا يعرف أقلّه حركتها الثالثة (Alla Turca).
ومن الحقبة الكلاسيكية أيضاً، يضم البرنامج سوناتة جميلة لهايدن، لا تتمتع بشهرة رائعة موزار، لكنها تحاكيها في السلاسة. أمّا مفاجأة الأمسية، فتكمن في إدراج مقدّمات شوبان الـ24 (المصنّف 28)، التي يمثّل أداؤها كاملةً تحدياً كبيراً. إذاً، هذه الأعمال مجتمعة هي من كلاسيكيات ريبرتوار البيانو تاريخياً، ما يجعل اللقاء ممتعاً جداً للجمهور «المبتدئ» (إذا صح التعبير) ولذوّاقة الموسيقى الكلاسيكية على حدٍ سواء. الفرق يكمن فقط في الأداء، الذي ـــــ إن جاء على المستوى المرجوّ ـــــ سيقدّم جرعة لذة إضافية للذوّاقة.
من أمسية العازفة الكبيرة تاتيانا بريماك ـــــ خوري الأسبوع الماضي، إلى أمسية زياد كريدي، وغيرهما من المواعيد الكلاسيكية الكثيرة، تستحقّ «جامعة البلمند» ألف تحية... من بيروت!


7:00 مساء بعد غد الجمعة ـــــ «أوديتوريوم الحريري»، «جامعة البلمند» (شمال لبنان) ـــــ للاستعلام: 06/930278