بعدما فرضوا حضورهم بين الشباب، بدأ المشرفون على أوّل ويب دراما لبنانيّة، حملةً لتعريف المدارس اللبنانية بمشروعهم، وأطلقوا منتدىً تفاعلياً يتيح للمشاهد المشاركة في رسم مصائر شخصيات المسلسل
رنا حايك
«أنت مسلم أو مسيحي؟» تسأل التيتا (لطيفة سعادة) ملك الـ«ديليفيري» سليمان (حسن عقيل)، لتطمئن إلى حفيدتها يارا (جوليانا يزبك) قبل أن تأتمنه عليها، كي يصطحبها إلى حفلة ينظّمها أغنياء القرية في إحدى الفيلات. لكن سليمان لا يرضخ للضغط النفسي. يجيب ببساطة: «أنا شنكبوتي». في الفيلا، يتعرض سليمان ويارا لأقذع أنواع الذل الطبقي من مجموعة شباب أثرياء يتعاطون المخدرات في الحفلة. هكذا في خمس دقائق من دون وعظ «توعوي»، وفي قالب سينمائي مُتْقن، وعلى خلفية موسيقى جذابة أعدّها ريِّس بيك، تطرقت حلقة «ثمن علبة سيدرز» (24 حزيران/ يونيو الماضي) إلى مشاكل اجتماعية بالجملة: الطائفية، والطبقية، والمخدرات.
إذاً تبدو رسالة «شنكبوت» ـــــ أول «ويب دراما» عربي ـــــ واضحة: الإضاءة على شباب يبحثون عن موقعهم في مدينة مجنونة وفي قلب ثقافة ملتبسة. على خلفية أغنية Do you love me، كنز آل بندلي المفقود الذي أتاح موقع «يو تيوب» إعادة اكتشافه، يختصر تتر المسلسل محتوى هذا العمل الدرامي: سليمان، «ملك ملوك الديليفيري»، شاب نشيط اخترع له مهنة في زمن البطالة. مارد القمقم يأتيك بما تريد، حيثما كنت. أما رويدة (سميرة قواص)، فتحلم بأن تصبح مغنية على طريقة نجمات الفيديو كليبات. تغنّي بغنج: «أنا عندي شي بعرف بدك ياه». كذلك نتعرّف إلى شادي (نصري الصايغ) الصديق الوفي رغم غموض يكتنف شخصيته وماضيه غير المكشوف حتى لأقرب أصدقائه. في المسلسل أيضاً قوى أمن، وشتائم، واغتصاب، وعنف، ومخدرات وقمار لا تجدها في الدراما التلفزيونية، ولحظات آسرة إنسانياً وجمالياً تنتمي إلى فن السينما أكثر من عالم الدراما.
الـ Web Drama، أو دراما الإنترنت التي ازدهرت في بريطانيا والولايات المتحدة، لم تصل إلى لبنان إلا حديثاً، من خلال تعاون بين شركة «بطوطة فيلم» التي نقلت نشاطها من لندن إلى لبنان، وصندوق الإنماء العالمي التابع لـ «بي.بي.سي» المعني بدعم التجارب المستقلة والشبابية عالمياً وعربياً. كذلك، أدّت شركة الإنتاج البريطانية The Welded Tandem Picture Company دوراً استشارياً في العمل.
وعلى ما يبدو، أثمرت المغامرة التي أطلقتها المنتجة ومديرة «بطوطة فيلم» كاتيا صالح في آذار (مارس) الماضي. بعد تسعة أشهر على بث المسلسل على الإنترنت (www.shankaboot.com) وانطلاق الموسم الثالث الشهر الماضي، وصل عدد متتبعيه في موسميه الأول والثاني إلى 160 ألفاً، بينما حصد العمل أخيراً جائزة reflets d’or لأفضل مسلسل على الإنترنت في العالم من مهرجان Cinéma tous écrans في جنيف.
لكن ما الذي دفع الشركة إلى افتتاح عصر الويب دراما في العالم العربي؟ «في ظل ارتفاع وتيرة اهتمام الشباب بالإنترنت، وفي ظل حاجتهم إلى مناقشة مواضيع لا تعالجها الدراما التلفزيونية، برزت الحاجة لهذا الوسيط الإعلامي الجديد» تشرح كاتيا صالح. وتلمّح إلى الجانب التفاعلي للوسيط الجديد، وطبيعته التي تتيح

فاز العمل في جنيف بجائزة أفضل مسلسل على الإنترنت في العالم


تناول مختلف المواضيع الاجتماعية ولو كانت من التابوات، بناء على رغبة الشباب أنفسهم، وبعيداً عن سطوة الرقابة.
هكذا، عالج الموسم الأول قضية الدعارة، بينما تناول الثاني المخدرات وعلاقة الأولاد بأهلهم. بينما يتطرق الثالث إلى الهجرة ومشاكل المستخدمين الأجانب في البيوت. وسيستفيد الموسم الثالث من المزيد من التفاعلية (كانت تقتصر على تعليقات المشاهدين على الموقع سابقاً) مع الجمهور عبر إطلاق الشركة «منتدى شنكبوت التفاعلي» الذي سيتيح للمشاهدين طرح اقتراحاتهم الخاصة لتناول قضية معينة أو رسم مصائر شخصيات المسلسل، أو حتى تحميل أفلام قصيرة صوروها بأنفسهم. اقتراحات سيأخذها في حسبانه الكاتب الأساسي للمسلسل (يعاونه كاتب ثان يتبدل دورياً) باسم بريش، والمخرج أمين درة.
محبو «شنكبوت» على موعد مع موسمين إضافيين يجري الإعداد لهما. أما بعد الموسم الخامس، فسينتهي التمويل الذي تحصل عليه الشركة المنتجة من «بي. بي. سي». لكن صالح تأمل متابعة المشروع عبر داعمين جدد، «في بلدان العالم، تكون كلفة الويب دراما عادة أقل من كلفة الإنتاج التلفزيوني، إلا في العالم العربي، لأن الدراما التلفزيونية لا تحظى بتمويلات ضخمة إلا إذا كانت رمضانية وتاريخية، لا شبابية»، كما تؤكد المنتجة التي تنفّذ حملة إعلامية واسعة، من ضمنها جولة بدأت أمس على المدارس، لترويج «الشنكبوتية» بين الشباب. ويتخلّل هذه الجولة تعليم التلاميذ طريقة تصوير أفلام قصيرة على هواتفهم النقالة وطريقة استخدام برنامج بسيط للمونتاج يتيح لهم نشر ما أنتجوه على الإنترنت...