علي السقا«وجدت الأسطورة الصهيونية من يحوِّلها إلى واقع بقوة السلاح، فلم يبقَ أمام الضحية سوى أن تحوِّل مأساتها إلى أسطورة...» هكذا، يشرح الروائي الياس خوري كيف جعل محمود درويش من قصيدته أرض لقاء بين روايتين مضادتين، صهيونية وفلسطينية. ورد ذلك في مقالته «درويش: الهوية وسؤال الضحية» المنشورة في العدد 83 من مجلة «الدراسات الفلسطينية» * التي عاد إليها ليتسلّم رئاسة تحريرها بالاشتراك مع محمود سويد.
في قصيدته «بطاقة هوية»، عبّر الشاعر بحسب خوري عن «بساطة تقطع مع اللغة القومية البطولية في العالم العربي، وهويّة مزروعة في الأرض تحمل بعداً طبقياً وانتماءً سياسياً لا لبس فيه». لكنّها هويّة قاصرة عن ترجمة الوجدان الفلسطيني، فنحا درويش إلى ترجمته، ثمّ شكّل هوية واضحة، جاعلاً الاسم الفلسطيني يحتل المساحة كلّها في قصيدة «عاشق من فلسطين». وكتب جميل هلال في العدد مقالة بعنوان «الاستقطاب في الحقل السياسي الفلسطيني». يرى أنّه بعدما عزّز اتفاق أوسلو تهديد الإسلام السياسي ممثّلاً بحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» من أجل فرض «هيمنة» منظمة التحرير على السياسة الفلسطينية، ازداد التصارع بين إيديولوجيّتي المقاومة (حماس) والتفاوض (السلطة)، ليتجلّى في حكومتين في الضفة وغزة. انصرفت الأولى إلى أجهزتها البيروقراطية، فيما راحت الأخرى تفرض إيديولوجيتها عنوةً في نطاقها الجغرافي، ما «شجَّع بروز «سياسات المحلّة» التي تتغذى بالعلاقات البطريركية، مقلِّلة من قيم المواطنة والمساواة». لكن أمام سوداوية المشهد، ثمة رأي يقول إنّ التبدل الطارئ في السياسة التركية تجاه اسرائيل، يمكن البناء عليه لتعزيز محور «الممانعة».
وفي مقالته «تركيا بين أسطول الحرية وبيت الطاعة الأميركي ـــــ الاسرائيلي»، لا يستشرف حسين أبو النمل تبدلاً جذرياً في الموقع التركي. «كان لا بد للدور التركي من الانكفاء فلسطينياً (رفع الحصار)، حتى يهدأ العنف الكردستاني تركياً»، ثم يلتقط الإشارات الأميركية التي تحذر من مغبّة استمرار التصعيد تجاه إسرائيل. مِن «فرض معادلة استراتيجية ـــــ أمنية عمادها عدم قدرة تركيا على طلب الدعم الإسرائيلي لقتال الأكراد»، إلى «عرقلة صفقة الأسلحة الأميركية لتركيا»، هكذا خمدت حدّة الخطاب التركي ومعها حركة أساطيل الحرية.
* تصدر عن «مؤسسة الدراسات الفلسطينية»