في لبنان «الشوبينغ» هو الملك، كما ذكرت ذات مرة نسرين نصر. «المستقبل» انتبه إلى هذه الثروة القوميّة، وخصّ عشاق الاستهلاك ببرنامج... شاهدنا حلقته الأولى قبل أيّام
رنا حايك
لم تشوّه ملكة جمال لبنان 1996 نسرين نصر، الحقائق حين أجابت عن كيفية جذب السيّاح إلى لبنان بالقول: «وعنّا شوبينغ». رغم السخرية التي تعرّضت لها بسبب جملتها التي تختزل البلد بسوق استهلاكية كبيرة، إلا أنّ الكلّ يعترف بأنّها لم تأت من فراغ، وأنّ اللبناني يهتمّ كثيراً بمظهره على حساب أمور أخرى ربما. انطلاقاً من هذا، خصّت قناة «المستقبل» في دورة برامجها الجديدة، عشاق التسوّق ببرنامج «شوباهوليك» الذي يتخذ من عبارة «تسوّق بذكاء فتبدو كتحفة فنية» شعاراً له.
في كلّ حلقة (يبث كل خميس)، يتبارى أربعة مشاركين من أصل 32 في شراء زيّ يصلح ارتداؤه لمناسبة معينة يحدّدها معدّو البرنامج، بمبلغ محدود وفي وقت قصير. وتتولى لجنة تحكيم مؤلفة من ثلاثة اختصاصيين في عالم الموضة يتبدلون من حلقة إلى أخرى، تقويم خيارات المشاركين حتى تنتهي الحلقة بانتخاب أفضل اثنين منهم.
على مدى ساعة أسبوعياً، يحتفي البرنامج بالتسوق. يجعله مركز الوجود، بينما يتفانى المشتركون في إثبات ذواتهم في عالم الذوق والموضة. وتتدخّل مستشارة الموضة ومعدة البرنامج سارة حمزة لإسداء نصائح بشأن المهمة التي أوكلت إلى المشتركين. في الحلقة الأولى، تبارى أربعة طلاب في إيجاد الأزياء المناسبة لحفلة عرس على الشاطئ، ثم لمقابلة عمل مع مصمم أزياء.
تولى مقدّم البرنامج وسام حنّا زيارة المشتركين في منازلهم، والاطلاع على محتويات خزائنهم. وحاول بثّ الحماسة في المَشاهِد التي أتت باردة رغم كل شيء. إذ حين يتناول برنامج قضية «إدمان التسوق»، نتوقّع أن يستقبل مشتركين مصابين بهوس التسوق ولوثته، ويترجمونه بتفاعلهم مع الموضوع، ما يضفي حيويةً على البرنامج. إلا أن حنا الذي اقتصر دوره على بثّ الحماسة في زياراته لمنازل المشتركين وخلال استعدادهم للمثول أمام اللجنة، لم يتلقّ أي تفاعل. في غرفة الماكياج، كان يخاطبهم كأنهم أمام استحقاق مصيري، متسائلاً إن كانت «الثقة عالية والمعنويات بالسما»، إلا

في كل حلقة يتبارى أربعة مشتركين في شراء زيّ لمناسبة محدّدة

أن البرود الذي اعتراهم يدفع المشاهد للتساؤل عن مبرّر وجود المذيع أصلاً. في السياق ذاته، اقتصر دور زميلته لانا خطاب على استقبال المشتركين عند مثولهم أمام اللجنة، ثم تلخيص رأي الأعضاء في زيّ المشترك. دور وسيط، بدت أهميته غير واضحة، وخصوصاً أنّ المذيعة بدت مرتبكة في الحلقة الأولى.
من ناحية أخرى، هل يصح تقديم برنامج عن «مدمني» الموضة من دون التطرق، ولو تلميحاً لـ«ضحاياها»؟ هناك خيط رفيع بين الاهتمام بالموضة وتاريخها، وتقديم معلومات قيّمة للمشاهد عنها، وبين... تلقينه الاستهلاك. شغف بدا مفقوداً لدى مشتركين يتحركون ويتفاعلون بأسلوب آلي، يوحي بتبجيل فضيلة واحدة هي الاستهلاك. هذا الجانب السلبي أدى إلى وقوع بعض مَشاهِد الحلقة التي يُفترض أن تكون مسلية وحيوية، في الرتابة، مقابل مشاهد أخرى أثمر الإخراج المتقن في مجال الغرافيكس واختيار الموسيقى، إضافة الحيوية إليها. هل يهدف البرنامج إلى الاحتفاء بالاستهلاك كقيمة وفضيلة؟
«البرنامج لا يشجع على الاستهلاك بمعناه المطلق، بل يحفّز على الاستهلاك الذكي في وقت محدود وبمبلغ محدود» كما يؤكد مدير الإنتاج في «المستقبل» محمد مسلماني. هذا رغم اعترافه باختيار بث هذا النوع من البرامج «تلبية لظاهرة التسوق المزدهرة في العالم العربي وتحديداً لبنان، وخصوصاً الشباب الذين يمثّل التسوق جزءاً مهماً من يومياتهم».


كل خميس 21:00 على «المستقبل»