قال معلق ألماني إن إسرائيل تريد إنهاء الوجود الفلسطيني من لبنان، ثم طرد السوريين، فإقامة حكومة موالية لها. وهي لن تخرج قبل تحقيق هذا الهدف. وإذا تحقق، يسهل تدبير انقلاب في سوريا يطيح الرئيس الأسد. فمن المعروف أن الإخوان المسلمين السوريين لهم علاقات ببيغن ويتلقّون منه تعليمات.
وإذا حدث ذلك، فالمقاومة ضد الكيان الصهيوني تكون صُفّيت في الشرق العربي، بما في ذلك منظمة التحرير. (...) وقال معلق آخر إنّ ذلك لو حصل، فسوف يقابل بارتياح من الجميع (...) وعليه، فالعالم كله، أعني الجزء القذر المسيطر في العالم كله، يرتّب المجزرة بارتياح. أعني بذلك قيادات منظمة التحرير وحكومات دول الرفض وحكومات العالم العربي الأخرى حتى الاتحاد السوفياتي.
نعم، قبل أشهر، قابل معلّق ألماني ياسر عرفات وسأله عن مواجهة الجيش الإسرائيلي لو دخل لبنان. ابتسم عرفات وقال: فليأتوا. مرحباً بهم! لقد كان عرفات يعرف أنه يكذب، وغير قادر على مواجهة تفوق تكنيكي هائل. وكانت دول الرفض تعرف ذلك، ودول العالم العربي ودول العالم حتى الاتحاد السوفياتي. ولم يحرك أحد ساكناً. ولقد وجّه معلق ألماني رسالة من بيروت، تقول إن الجو في المدينة محيّر، وإنّ الناس يجرون هنا وهناك، يضحكون كأن الأمر نكتة، ويواجهون الطائرات المغيرة بأدوات دفاع غير كافية، وينتظرون الجيش كأنهم مخدّرون. وأقول إنهم مثلي يحسّون بإحساس الفريسة التي يتعلق مصيرها بفوهة بندقية الصياد، تنظر لها ذاهلة وتتمنى بداخلها أن تنطلق الرصاصة حتى تنتهي فترة الانتظار الموجعة.
وإذا حدث ذلك، فالمقاومة ضد الكيان الصهيوني في المشرق تكون قد صفّيت وعُزل المغرب العربي عن المشرق. (...) بذلك يكون الجزء الشرقي من البحر المتوسط بحيرة إسرائيلية (...) وتحمل موانئ العالم العربي لافتات تُعلن عن بضائع إسرائيلية. ويتعلم التلاميذ العبرية كلغة ثانية، ويذهب عِلّيّة القوم إلى جامعات عبرية! أقول لك إنني أواجه كل ذلك بارتياح الفريسة التي آن لها أن تذبح بدلاً من انتظار موجع طويل، وهي رهن بندقية الصياد. أقول لك إنني الآن أدرك كيف أنني عشت العمر أواجه في وطني قهراً حقيقياً، وإذلالاً حقيقياً، وأعيش مع ناسي ثورة مغشوشة (...) تلك نهاية جيلنا، جيل فشل على كل المستويات. وبعد الانتصار الإسرائيلي، سيكون على نطاق العالم وضع شاذّ مؤداه إذلال أمة كاملة في عالم تنتصر فيه الأمم في كل مكان. هل يكون بوسع جيل جديد أن يلقي من على ظهر الأمة، بهذه الحكومات ليفتح الطريق أمام تطور جديد؟
* من رسالة إلى صديقه محمد روميش، كتبها أثناء الاجتياح الاسرائيلي عام 1982