سناء الخوريعنوان الكتاب «حكايات: قصص مصوّرة من الشرق الأوسط». أما شخصيات الحكاية، فهم ضحايا ألغام، وأطفال مصابون بالسرطان، ونساء معنّفات، ومثليون ومثليات. العمل إصدار أنيق، بالعربيّة والإنكليزيّة، أطلقتة أخيراً مؤسسة «وورلد برس فوتو» الدوليّة، وضم أعمال ستة مصوّرين ومصوّرات عرب أنجزوا تحقيقاتهم المصوّرة، على شكل قصص قصيرة، ضمن سلسلة ورش عمل في إطار المؤسسة. تحت عنوان «الناجيات الخمس»، تحكي المصوّرة اللبنانية غريس كساب، رحلتها المروّعة إلى بيوت لبنانيات نجَون من العنف الأسري... في الصور القاتمة، لا نرى آثاراً للضرب، بل إيحاءً بعواصف مضت، تاركةً أشباه ناجيات. عن مثيلاتهنّ في العراق، يروي كامران نجم إبراهيم قصّته «كونهنّ نساء». يأخذنا المصوّر العراقي إلى كردستان، ويصوّر جبل قيوى راش، حيث تنتحر (أو تقتل؟) ضحايا الاغتصاب، وسط رضوخ السلطات لقوانين العشائر الذكوريّة.
في فلسطين، يتتبّع علي نور الدين ضحايا الهجوم الإسرائيلي على غزة، عبر تصوير مرضى مركز الأطراف الصناعيّة في القطاع. بعنوان «تلك العيادة في قطاع غزّة»، يحكي التآلف الصعب بين الأجساد الحيّة، والقطع المضافة. قصّة مشابهة تحكيها المصورة العراقية جولي عدنان تحت عنوان «في إنجازات بطل محلي». إنّه هوشيار علي حسن الذي فقد رجليه في انفجار لغم، ثمّ كرّس حياته للتدريب على كيفيّة نزع تلك الأجسام القاتلة من

ستة مصورين عرب أنجزوا تحقيقات مصوّرة على شكل قصص قصيرة

كردستان. «صراع مبكر من أجل البقاء» تنقله المصورة السوريّة كارول الفرح. نراها تدخل مكاناً محظوراً على العيون الفضوليّة، لتصوّر لحظات العلاج الثقيلة على أطفال السرطان. لورا بوشناق تأخذ عدستها إلى «المنطقة المحرّمة». المصوّرة الفلسطينيّة الفرنسيّة، صوّرت مثليين ومثليات يعيشون حياة التخفي في بيروت. بعنوان «خارج الخزانة البيروتيّة» (الصورة)، تقترح بوشناق رؤيةً هيتشكوكيّة لحياة المثليين السريّة. لا كلام هنا، بل إيحاء ما بالقمع، وما يخلّفه من رغبة في التواري. في كتابها هذا، أرادت «وورلد برس فوتو» إلقاء الضوء على قضايا محليّة، بعدسات محليّة. رغم الأجندة المسقطة عليهم في النهاية، تمكّن المصورون الستة من إعطاء نظرة من الداخل، متخففة من التنميطات الاسشتراقيّة. كان طبيعياً أن تبدو الصور كأنّها اختلست اختلاساً، من واقع عدائي ضاغط. لقطات مواربة، تعيدنا إلى السؤال الملحّ عن العلاقة الإشكالية بين العدسة العربية، وأزمات الحرية المتفاقمة.