مصطفى مصطفىبعد الاحتلال الإسرائيلي وأعراض التمويل الأجنبي للثقافة في القدس، يأتي «منطق السوق» ليقوّض معالم الحاضرة العربية التي تتأسرل يومياً. في شارع صلاح الدين الأيوبي، تحول مبنى «سينما الحمراء» إلى قاعة للأعراس والمؤتمرات، وتحوّلت شرفات القاعة مطعماً للسيّاح والعائلات، بعدما أعادت «شركة القدس للسياحة والاستثمار» (إحدى شركات «باديكو» القابضة) إحياء المبنى المغلق منذ 1989. هكذا، طُويت 37 عاماً طبعت ذاكرة أهل القدس ووعيهم منذ 1952، العام الذي افتتحت فيه «سينما الحمراء». ويبدو أن «ماكينة البزنس» لن تتوقف عند تشويه «سينما الحمراء» التي احتضنت ذات يوم تأبين خليل السكاكيني. الثقافة ستدخل في جوف هذه الماكينة لتدرّ ربحاً، وتُطبّع الوعي الفلسطيني مع خطاب الاحتلال. فحسب التصريح الذي أدلى به لموقع The Israel Project، السيّد منير قرط ــــ وهو المدير العام لـ«قصر الحمراء» حسب اسمها الجديد ــــ «العمل جارٍ على جلب فرق فولكلورية فلسطينية وإسرائيلية محترفة».

الصالة التي احتضنت تأبين خليل السكاكيني، ستقدّم للسيّاح الفولكلور الفلسطيني والإسرائيلي

وأضاف قرط: «نحن نوفر مكاناً للإسرائيليين والفلسطينيين ليُظهروا فولكلورهم. هذا ما يريده السياح»!
وسط هذا الحصار الثقافي ضمن مثلث «الاحتلال والتطبيع والبزنس»، فإن «الحمراء» باتت أشبه بقصر دراكولا الذي تحوم فيه الذكريات. ارتأى المالكون الجدد بناء قاعة متعددة الوسائط، عوضاً عن إحياء تلك الصالة المغلقة منذ 20 سنة، بحجّة أن «السينما مكلفة».
وتجدر الإشارة إلى أن مصير «سينما الحمراء» ليس بأفضل من مصير «سينما الوليد» في رام الله التي تأسست عام 1955.
إذ تُحوَّل اليوم إلى مبنى تجاري، بعد سنوات من الإغلاق واتخاذ درجها موقفاً لبائعي البسطات. ولا يبدو مصير «سينما النزهة» في القدس التابعة لـ«المسرح الوطني الفلسطيني» في أفضل حال؛ إذ تقتصر عروضها على أفلام تجارية مصرية، إضافة إلى استضافة أنشطة القنصليات والممثليات الأجنبية وحفلات
التخرّج!