تونس ــ سفيان الشورابيمدة ربع قرن كانت كفيلة بأن تجعل الـ«تياترو» في وسط العاصمة تونس قبلة الفنانين المستقلين، ومساحةً لم يقدر منطق العرض والطلب على ابتلاعها. السنة الثقافية لهذا الفضاء الثقافي تبدو متنوعة، رغم أنّ جمهور المسرح تقلّص مع الوقت. حصيلة أنشطة السنة الماضية ناهزت المئة بين مسرحيات وعروض موسيقية وأفلام ومعارض تشكيلية، تركت بصمة في المشهد الثقافي التونسي المأزوم بطبيعته. ولا يبدو أنّ هذا الموسم يختلف عن سابقيه من حيث الجودة الفنية. برنامج هذه السنة في الـ«تياترو» تراوح كالعادة بين مسرحيات من إنتاج هذا الفضاء الذي يشرف عليه المسرحي البارز توفيق الجبالي، وعدد من الأنشطة الأخرى. بين 29 أيلول (سبتمبر) و12 تشرين الأول (أكتوبر)، يتواصل لقاء دولي بعنوان «المفكرات العلمانيات في العالم العربي والفضاء الأورو ــــ متوسطي». يشمل الحدث معارض للصور الفوتوغرافية (إشراف ماريان كاتزارس)، وورشات تتعلق بـ«تقنيات القصة القصيرة، الكتابة بالمؤنث» (إدارة هدى بركات)، و«حقوق المرأة في العالم العربي» (إدارة سناء بن عاشور)، وندوة تتناول الكتابة والمرأة بعنوان «أيتها النساء، ريشاتكن ورجالكن» (إدارة رشا التونسي)، و«قراءة مسرحية» (إدارة سيداف أيسير)، و«المشاريع الثقافية والتمويل في الاتحاد الأوروبي» (إدارة جوديت نيس)، إضافة إلى عرض رقص معاصر بعنوان «بطاطا» للفنّانة التونسيّة إيمان السماوي. التظاهرة تندرج ضمن كفاح الثنائي توفيق الجبالي وزينب فرحات للدفاع عن هذا الفضاء المستقل، ومكانه في حياة العاصمة التونسيّة، حفاظاً على ما بقي من جيوب ثقافية قليلة ما زالت تتبنى صراحةً الدفاع عن الطروحات العلمانية، والثقافة الطليعيّة عموماً.

مسرح تونسي بين المشروع العلماني والثقافة المستقلّة

أما المسرحيات الجديدة التي يتضمّنها برنامج الـ«تياترو» في الموسم الحالي، فنذكر منها: «ارقص مع القرد» لتوفيق الجبالي، و«انسحاب» تأليف السوري محمد العطار (إخراج معز القديري) و«مونولوج غزة» مسرح للأطفال بالاشتراك مع «مسرح عشتار» من فلسطين (إخراج توفيق العايب). كذلك ستُستَضاف ثلاثة أعمال مسرحية، هي «قصر الشوك» (إخراج نعمان حمدة)، و«وزن الريشة» لغازي الزغباني، و«لا يمثل» لعاطف بن حسين وفؤاد الأيتيم.
وفي بادرة هي الأولى من نوعها، أعلن الجبالي أن «تياترو» فتح أمام المبدعين باب تقديم نصوصهم لمسرحيات قصيرة (لا تتجاوز عشر دقائق)، وسيتكفل هذا الفضاء بإخراجها. وعكس ما هو متوقع، لم تسهم وزارة الثقافة التونسية، ولو بنصيب زهيد، في تمويل هذه الأنشطة. إذ قال الجبالي: «يواصل الـ«تياترو» مسيرته الفنية، معتمداً على نشاطاته، وعلى موارده الذاتية، بمنأى عن التحركات التي تهدف إلى تعطيلنا».