علاء الدين يعود إلى المسرح السوري
دمشق ــ وسام كنعان
من تراث القصّ الشعبي، غرف أسامة حلال عوالم عرضه «حكايات علاء الدين». المسرحيّة التي انطلقت أخيراً على «مسرح الحمراء» في دمشق، تندرج ضمن مشروع فرقته «كون»: «كسر المكان التقليدي للعرض المسرحي». يعيد الممثل والمخرج المسرحي الشاب اختراع شخصية علاء الدين، من خلال نصّ كتبه كفاح الخوص. هنا نتتبّع صيغة حديثة لقصّة البطل الشهير ومصباحه السحري. قصّة لا تشبه الأسطورة السائدة. في «حكاية علاء الدين»، نتعرّف إلى شخصيّة البطل القديم بنظرة حداثوية تكتنز الكثير من التجريب والمغامرة، وفي قالب أقرب إلى الألعاب الشعبيّة.
تخيّم الغرابة على الخشبة منذ اللحظات الأولى لدخول الممثلين. نجد رنا شميس، أيمن عبد السلام، عدنان أبو الشامات، حسام الشاه، جهاد عبدو، عاصم حواط، ينادي بعضهم على البعض الآخر، بأسمائهم الحقيقة. تتصرّف المجموعة بعفويّة مقصودة، كأنها نسيت وجود الجمهور، أو كأنّها لا تزال في أحد التمرينات. وكان قد سبق الممثلين إلى هذه اللعبة مجموعة عازفين مع آلاتهم: نزار عمران، وصلاح نامق، وإياد عثمان، وعامر دهبر، وجورج أورو، وميزر بقدلية. يدخل هؤلاء المسرح ، لمرافقة الأحداث بعزف حي، فإذا بهم مع آلاتهم، جزء أساسي من اللعبة المسرحية. تفتتح المسرحية على وصلات عتابا وزجل، في لعب متواصل على الكلام. وترتكز البنية الدارمية إلى لعبة الانتقاء بالقرعة. هكذا يقع الخيار على أحد الممثلين، فيتولَّى أداء دور علاء الدين، على أن يختار بدوره رفيقاً له في رحلته إلى القلعة بغية الفوز بالكنز... يتناوب الممثلون على أداء دور البطل، بعيداً عن سطوة الراوي/ الحكواتي وقدرته على تحديد نهايات معينة للأحداث. رغم تنوّع التقنيات الأدائية بين ممثل وآخر، جاءت نسخات علاء الدين المختلفة متشابهةً في الجوهر. فها نحن نراه وصولياً وانتهازياً، كأي «بطل» من زماننا، وليس كأبطال الحكايات.
اختارت فرقة «كون» شكلاً مسرحياً يقوم على التجريب والبحث. هكذا، جرت قولبة الأدوار والمشاهد، بنحو يفتح الباب أمام التأويل، ويعطي المتلقّي فرصة البحث عن معانٍ ذاتية في العرض. في المقابل، وقعت «حكاية علاء الدين» في بعض الفجوات، لناحية المبالغة في الاعتماد على السجع، إضافة إلى المباشرة في الطرح، وخصوصاً في الفواصل الحواريّة المخصصة لشخصية «الراوي». فكما

تناوب الجميع على أداء دور البطل المعاصر الذي لا يخلو من الوصوليّة

تناوب جميع الممثلين على أداء دور علاء الدين، تناوبوا على أداء دور راوٍ مفترض، يُعلن وجوده من خلال لوحة في الخلفيّة يكتب عليها «الراوي». خيار سينوغرافي زاد من حدّة «التغريب»، وأتى مخالفاً لمعظم تفاصيل العرض التي اعتمدت على الدلالة والإيحاء.
صحيح أن المخرج أسامة حلال سعى، من خلال «حكايات علاء الدين»، إلى تقديم احتفال مسرحي يدور حول شخصيات «ألف ليلة وليلة»... لكنّه وضع البطل في عالم على هامش الأسطورة. تحوّل العرض إلى ما يشبه اللعبة المتواصلة التي توظّف دراميّاً عناصر مختلفة، من السينوغرافيا إلى الموسيقى (ترومبيت وتشيلو وبزق وإيقاع)، مروراً بسائر مفردات العرض المسرحي، وانتهاءً بالإضاءة التي وظفت تماماً لمصلحة الحالة الدرامية. وجاء فضاء الخشبة خالياً من أي قطعة ديكور باستثناء اللوح النقال (شاريو)، ما زاد من تقشّف العمل وقدرته السحريّة على إنزال الحكاية الشعبيّة عن عرشها، كي يخلق على هامشها فضاءات جديدة للسرد.
في كراسة «حكايات علاء الدين»، لفت الممثل جمال سليمان «أن الحكاية كلمات وصور تصنع (...) وجداناً. هل من حقنا التشكيك في مواقف أبطال الحكاية، وتفحّص قيمها وحقيقة مفاتيحها؟ من حق الفن أن يفعل ذلك، لأن من واجبه أن يرمي الحجر في المياه الساكنة».


8:30 مساءً حتّى 20 تشرين الأول (أكتوبر) ـــــ «مسرح الحمراء» (دمشق)
للاستعلام: 963112222016

لقد تم تعديل المقال عن نسخته الأصلية في السبت 02 تشرين الأول ٢٠١٠