حسين بن حمزة
لم يطبع سليمان زيدان بروشوراً تقليدياً يضم فريق العمل الذي تعاون معه لإنجاز عرض «يقطع الكلب وعيشتو». لماذا يحتاج إلى ذلك، إن كان قد أدار كل شيء تقريباً؟ فهو الذي ألّف النص وأخرجه ومثّله، وصمم السينوغرافيا والشريط الصوتي، إضافة إلى الأغنيات الحية التي عزفها وغناها بنفسه. بهذا المعنى، إنّ العرض الذي يقدم على خشبة «مسرح المدينة» مونودراما بأكثر من طريقة. في أعمال كهذه، يتحول الاهتمام بكل شيء إلى مشكلة بالنسبة إلى الأداء. إلا أن زيدان يفاجئنا بقدرته على جعلنا ننسى التفاصيل التقنية للعرض الذي يتسيّده برشاقته ومهاراته طوال 40 دقيقة. ثمة عدوى في أداء الممثل الشاب المتخرج للتوّ من معهد الفنون الجميلة. عدوى متأتية من نص مسرحي خالٍ من الادعاءات، ومكتوب مباشرة للخشبة. إنها حكاية شبه شخصية عن شاب هامشي يسكن بمفرده في شقة صغيرة مستأجرة، ويعيش سوء تفاهم مزمناً مع حياته. اللمسة الشخصية هنا يمكن تعميمها على جيل أو شريحة كاملة من شبان لبنانيين في العمر نفسه. لا يكترث زيدان

الحب اتصال بالغلط من امرأة مجهولة الوظيفة تعني تقديم ولاءات لزعيم أو مسؤول

بأن يقدم شيئاً نموذجياً بقدر ما يهمه أن يحوّل يوميات العيش العادي إلى مادة يمكن تقديمها على خشبة، وإقناع الجمهور بجاذبيتها. ثمة لعب واستثمار للكلام الشائع بين شبان هذه الأيام، إذ يصبح كل شيء مغلفاً بطبقة محببة من السخرية واليأس وانعدام الأمل.
يبدأ العرض وينتهي بكابوس يتكلم فيه بطل العرض عن وحدته وغرابة أطواره أمام طبيب نفسي متخيّل. بين الكابوسين، نعرف تدريجاً أن الشاب مهدد بإخلاء الشقة، وأنه عاطل من العمل والحب. العرض يروي كل ذلك بمفارقات مضحكة تدور في شقة مصممة لشاب يعيش أحلام يقظة لا تتحقق. الحب هو اتصال بالغلط من امرأة مجهولة. الوظيفة تعني تقديم ولاءات لزعيم أو مسؤول. هكذا، يجد عنوان العرض ترجمة لائقة به، إذْ يعلق بطل العرض العنوان على شرفة الشقة كخلاصة لفكرة أنه يعيش حياةً لا تحسده الكلاب عليها. كأن سليمان زيدان كتب العرض على قياسه، ما مكّنه من احتلاله كاملاً من دون أن يُشعرنا بأي ملل، أضف إلى ذلك قدراته الجسدية والغنائية على ملء الفراغات بين الحكايات الصغيرة التي يتألف منها العرض. سليمان زيدان اكتشاف مسرحي لطيف نتمنى أن نراه في أعمال قادمة.


حتى 10 ت1 (أكتوبر) ومن 14 حتى 16 منه ــــ «مسرح المدينة» (بيروت) ـــ للاستعلام: 01/753010