النجم التلفزيوني السوري عرّج على خشبة المسرح، ليقدّم عرضاً مقتبساً عن «الشهداء يعودون هذا الأسبوع» للطاهر وطار. النصّ الجزائري تحوّل مقاربة كوميدية لتردُّدات «حرب تشرين»
دمشق ــ وسام كنعان
من يعرف أيمن زيدان يعرف أن أسلوبه المسرحي لم يتغيّر. منذ الثمانينيات حتى اليوم، يعود المخرج والممثل السوري إلى أروقة المسرح، كلّما لامسه الحنين إليها. يقدّم النجم السوري على «مسرح الحمراء» في دمشق، مع الممثلين محمد حداقي وزهير عبد الكريم، ومجموعة من الممثلين الشباب، مسرحية «راجعين»، المقتبسة عن قصة الكاتب الجزائري الراحل الطاهر وطّار «الشهداء يعودون هذا الأسبوع».
يعود زيدان بالزمن إلى الوراء ويتوقّف عند آخر الحروب السورية، وهي «حرب تشرين» عام 1973، ليحكي قصة والد أحد شهداء الحرب، وقد وصلته رسالة من ابنه الشهيد. تخبره الرسالة أنّ الابن على وشك العودة إلى القرية مع أصدقائه الشهداء. فيحمل الأب الرسالة، ويطوف بها القرية، مستكيناً إلى الأمل،

عودة إلى آخر الحروب على الجبهة السورية، للإحالة على توقف الزمن

ومحمّلاً بأسئلة إشكالية عن مصير هؤلاء الشهداء. ماذا لو عادوا حقاً إلى الحياة؟ كيف سيستقبلهم الناس؟ وكيف يمكن التعامل مع هؤلاء العائدين؟ وأين سيبدأون حياتهم من جديد؟
هكذا، يلتقي والد الشهيد بأهل قريته ومسؤوليها، بدءاً من موظف البريد، مروراً بموظّف النفوس، ورئيس البلدية، وابن الخائن، ووالد أحد الشهداء، ليصل أخيراً إلى المسؤول الحزبي. هذا الأخير هو الوحيد الذي تفرحه عودة الشهداء. هذا يعني أنّه سيتمكّن من تنسيب من تسرّب منهم إلى الحزب، وجمع ما فاته من اشتراكات مالية!
تداعيات متعددة، توصل والد الشهيد مع نهاية العرض إلى المعتقل. يبني زيدان المسرحية على سؤال مفترض يستحيل حدوثه، لكنه يترك فرصة أمام المشاهد ليتخيّل حال شهداء الوطن العربي. وقد تكون عودة العرض نحو آخر الحروب على الجبهات السورية نوعاً من الدلالة على توقف الزمن، والإحالة على إشكاليات لم تتغيّر، بل صارت أكثر تعقيداً. هكذا، يتجاوز أساليب المسرح العالمي، بما فيها الطريقة الأرسطية التي تجعل من العمل الدرامي موازاة مستقلة للحياة الواقعية، يفصلها عن الجمهور حاجز وهمي.


«عَ الضيعة»

في «راجعين»، يبرز الريف كمصدر إلهام حقيقي لبنية العرض الدرامية ومفرداته الفنية، من ديكور، وموسيقى، وأزياء. غرف أيمن زيدان (الصورة) من أسلوب الكاتب المصري يوسف إدريس، وما عُرف بـ«مسرح السامر الشعبي»، أو «مسرح الفرافير»، أو الموالد الاحتفالية. هكذا، يستوحي مادته الدرامية من الريف وقصصه التي تحتمل استخدام الممثلين لأكثر من لهجة محلية. كذلك حاول المخرج إطلاق التفاعل بين الممثلين والجمهور من خلال تعليقات عفوية تسقط الحائط الرابع. تغييب كل إيهام مسرحي أسهم في إضفاء جو من التلقّي الإيجابي، يخاطب من خلاله روح الجماعة، بلغة سهلة، تبتعد عن لغة الخطابات الرنانة. من خلال نص محكم بين يديه، أعاد زيدان مسرحة الحياة بتفاصيل ريفية بسيطة، تطرح سؤالاً افتراضياً كبيراً.


تفاعل

يتطلب الشكل المسرحي الذي اختاره أيمن زيدان لتقديم «راجعين» مرونة وتلقائية إضافية لدى الممثل. المؤدي يحتاج إلى استدراج الجمهور، لبلوغ مستوى معين من التفاعل. وهذا ما استطاع ممثلو العرض فعله. أداء ساعد زيدان في تقديم وجبة كوميدية رشيقة، أوصلت رسالة العرض بوضوح، مع محمد حداقي وزهير عبد الكريم، ومجموعة من الممثلين الشباب هم: أدهم مرشد، وعلاء قاسم، ولمى الحكيم، ووائل أبو غزالة، وحازم زيدان، وأيمن عبد السلام، وأويس مخللاتي، وخوشناف ظاظا. وترافق الأحداث موسيقى حيّة لآلات شرقية، فنرى على الخشبة كلاً من عدنان فتح الله على العود، وعامر دهبر على الإيقاع، وربيع عزام على الناي.


8:30 مساءً حتى 31 ت1 (أكتوبر) الحالي ـــــ «مسرح الحمراء» (دمشق). للاستعلام: 00963112222016