بغداد ـ حسام السرايمثلما انشغل الوسط الصحافيّ العراقيّ بقضية جريدة «العالم» التي مثلت أمس أمام القضاء (أرجئ بتّ الحكم حتى يوم الأحد)، فإن المواقع الإلكترونيّة ومنها «كتابات» و«فايسبوك»، كانت تعبّر عن ذلك التضامن الذي أدمن عليه الصحافيّون العراقيّون مع كلّ أزمة تشتدّ عليهم.... وما أكثرها في بلاد وصل فيها عدد الإعلاميين القتلى الى 246 منذ 2003! جريدة «العالم» نشرت في الصيف تقريراً عن «تجاوزات وتلاعب وهدر تهدّد منشآت المدينة الرياضية في البصرة بالانهيار». وكشف التقرير تفاصيل الغش في مشروع يعدّ أحد أكبر مشاريع البنى التحتيّة في البلاد. بعدها، رفعت وزارة الشباب والرياضة العراقيّة دعوى قضائيّة، مطالبةً «العالم» بدفع نحو مليون دولار أميركي بدعوى التشهير.
ولأنّ «العالم» عرفت منذ تأسيسها قبل أشهر بانتقادها الدائم للحكومة وأدائها، لمّح البيان الذي أصدرته أخيراً جمعيّة الدفاع عن حريّة الصحافة في العراق الى أنّ «ما يجري جزء من حملة رسميّة استهدفت «العالم» منذ صدورها».
رئيس تحرير الصحيفة سرمد الطائي قال لـ«الأخبار» «مشكلتنا ليست مع القضاء، بل مع تشريعات قديمة مثل قانون التشهير الجنائيّ، صيغت في مرحلة لم تتح فيها حريّة التعبير، وما زالت باقية حتى اليوم. مشكلتنا الثانية هي مع مؤسّسات الدولة التي تتعامل مع الصحافة كخصم». يلخص الطائي حال العديد من مؤسّسات الدولة التي فهمت اللعبة الإعلاميّة، وحاولت الاستفادة من تشريعات عهد صدام لإدانة وسائل الإعلام في المحاكم.

مثلت جريدة «العالم» أمام القضاء بسبب تشريعات قديمة ما زالت تهدّد حرية التعبير
الباحث حيدر سعيد لفت الى أنّ «ما حدث في العراق عام 2003، من إسقاط لنظام دكتاتوريّ على أيدي قوة أجنبيّة محتلة، أطلق لدى الأنتلجنسيا الوطنيّة حلماً ببناء الديموقراطيّة، غير أن الحلم انهار تدريجاً لأنّ الأداة التي أوكلت إليها هذه العملية تنتمي إلى ثقافة سياسيّة مناقضة للديموقراطيّة». سعيد نوّه الى ما يجري بأنّه «استعادة للنظام الشموليّ وضرب الهيئات المستقلة». رئيس جمعيّة الدفاع عن حريّة الصحافة في العراق، عدي حاتم، شدّد على أنّ «دور الجمعيّات التي تماثله في الساحة العراقيّة، هو الضغط على السياسيّين للتنازل وعدم استخدام القوانين الموروثة من الحقبة السابقة ضدّ الصحافيّين». ورأى أنّ «استخدامها عار على السياسيّين العراقيّين، تماماً مثلما حدث مع جريدة «العالم» على أيدي وزارة الشباب والرياضة التي ينتمي وزيرها الى حزب الدعوة الذي أعدم النظام السابق، وصفّى عدداً من قادته بقانون العقوبات العراقي. واليوم يستخدم بعض بنوده ضدّ الصحافيّين العراقيّين». هذه الحادثة دفعت حاتم ومجموعة من الصحافيّين إلى «دعوة البرلمان المقبل لتشريع قانون يلغي بموجبه قوانين التشهير الجنائيّ الموروثة، ودعوة المحكمة الاتحاديّة إلى الاضطلاع بدورها لأنها المسؤولة عن الحفاظ على الدستور» لأنّ «استخدام هذه القوانين مخالفة دستوريّة للمادة 38 الخاصّة بحريّة التعبير».