عبد الواحد المهتانيصدرت للشاعر المغربي فتح الله بوعزة مجموعة جديدة بعنوان «قاب كأسين من ريحه» (مطبعة «سيكما أطلس») تتصدّرها لوحة للفنان التشكيلي عبد العزيز عباسي. وتتكون المجموعة من 27 قصيدة تغطي عقدين من الزمن بدءاً من عام 1990 حتى عام 2010.
استهل الشاعر مجموعته بقصيدة «مطر عالق بنواصينا» واختتمها بنص يحمل عنوان «هكذا يرقصون». وبينهما، نصوص أخرى تشتغل على موضوعة الإنسان في علاقاته المتشعبة بذاته، ومحيطه، وهويته، وماضيه، وحاضره ومستقبله (قصيدة «كأني ذئب يشحذ أوصاله»). أضف إلى ذلك الحروب المجازية التي خاضها الشاعر ـــــ الإنسان في مساره («هكذا يرقصون»، و«طوبى لمن يصهل أولاً») وفق أنماط إيقاعية تأخذ تارة من ضوابط قصيدة التفعيلة، وطوراً من قصيدة النثر، وتستحضر مرجعيات فكرية، وصوفية وإبداعية متنوعة.
وتتميز نصوص المجموعة بالاشتغال الدقيق على اللغة والصورة الشعريتين، بوصفهما أداتين لتكريس شعرية النص وصوغ معنى الذات والوجود والزمن. نصوص مسكونة بهاجس اللحظة الحياتية والنفسية التي تتحوّل إلى لحظة شعرية، تتسم بكثافة سرد يقودنا نحو الإدهاش، وفي استقصاء دائم لحالة الوجود والوقائع النفسية التي ترسمها المخيّلة.
يقول الشاعر في قصيدة «احتمالات»: «ما كانَ ينْبغي لَهُ أنْ يرى ما رآه/ الْخيلُ التي نَفَقَتْ هناك، قُرْبَ أشْجارِ اللوز/ الأشْجارُ التي طَرَحَتْ نِسْوةً جَرْداءَ بِتَجاعيدَ دانية عنْدَ مَدخلِ الْحَكْيِ/ الطَّرائدُ التي حَنَّتْ لِلْقَنْصِ/ الشُّهداءُ الذينَ اسْتَمَرّوا في النِّزالِ بقُبَّعاتٍ أُخْرى غيرِ التي رفعوا للتَّحِيةِ في أوَّلِ السُّقوطِ/ الشُّعراءُ الذينَ نَثَروا الدِّيوانَ كُلَّهُ/ وحُبَيْباتِ الصَّهيلِ على الضُّيوفِ/ وغادروا الْغُرفةَ البيضاءَ يسندونَ حَلاّجَهُمْ/ الحلاّجُ الذي رافقَ محمود درويش/ من مطارِ أثينا إلى رصيفٍ شاغرٍ بالبيضاءِ/ وعاد أدراجَهُ حينَ لم يَطْلُبْهُ أحَدٌ للشَّهادَةِ/ وعِنْدَ مدْخَلِ الْحَكْيِ/ دَقَّ تَجاعيدَ الصبايا العابِراتِ/ مضافةَ القلبِ وتلكَ التي في يَدي!».
وتجدر الإشارة إلى أنّه منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، نشر الشاعر فتح الله بوعزة العديد من قصائده في الصحف المغربية.