لهذا خلق الله الندم». بهذه العبارة انتهى الجزء الأول من العمل الذي يرصد سيرة حسن البنا، لتنطلق حملة جديدة على المسلسل. الكاتب المثير للجدل جاء ردّه قاسياً على الإخوان المسلمين
محمد عبد الرحمن
فيما كان الكلّ يترقّب المشهد الأخير من الحلقة الثلاثين من «الجماعة»، وهو مشهد اغتيال حسن البنا (يجسّده إياد نصّار) بعد سلسلة اغتيالات وتفجيرات ارتكبها رجال الجماعة خلال الحلقات الخمس الأخيرة، فاجأ صنّاع المسلسل الجميع حين أنهوا العمل عند الحلقة الـ28، مع اغتيال النقراشي باشا رئيس الوزراء، الذي أصدر قرار حل الجماعة، وحظر نشاطها. علماً بأنّ مؤلف العمل وحيد حامد أكّد أنّ الجزء الأول من العمل سينتهي بمشهد غياب البنا، على أن يبدأ الجزء الثاني في رصد مسيرة الجماعة بعد رحيل المؤسّس حتى يومنا هذا.
إلا أنّ حامد فاجأ الكلّ بإنهاء العمل عند اغتيال النقراشي باشا على يد أحد أعضاء التنظيم السري (جسّد دوره هيثم أحمد ذكي) ثم يحاول أعضاء التنظيم الموجودون في المعتقل تفجير مكتب النائب العام لإحراق ملفات قضاياهم. ويجد حسن البنا ـــــ كما رآه وحيد حامد ـــــ نفسه محاصراً في المنزل، حيث كل مَن يقترب منه يتعرّض للاعتقال، إلى أن زاره أحد أتباعه (آسر ياسين) ودخل في حوار مطوّل معه بشأن مصير الجماعة. وهنا، يعرب البنا عن أسفه على ما آلت إليه الأمور، معترفاً بأنّه لو عاد به الزمن إلى الوراء، لكان قد درّب 100 شاب فقط على الإسلام الصحيح وقابل الله بهم يوم القيامة، بدلاً من تدريب جماعة وصل عدد أعضائها إلى نصف مليون شخص في نهاية الأربعينيات قبل أن تصبح مطارَدة من الجميع. وحين يقول محاوره إنّ الزمن لن يعود إلى الوراء أبداً، يردّ البنا «لهذا خلق الله الندم». تنتهي الأحداث عند هذا الحد، لتفتح الباب على تصريحات ساخنة أطلقها النائب الإخواني محسن راضي. إذ أكّد هذا الأخير أنّ وحيد حامد لم يصوّر مشهد اغتيال البنا وجنازته نزولاً عند رغبة الجهات الأمنية حتى لا تزيد شعبية الإخوان التي زادت بالفعل بسبب انحياز المسلسل لوجهة نظر الدولة. فيما جاء رد حامد قاسياً.
في اتصال مع «الأخبار»، أكّد الكاتب الأكثر اهتماماً بالإسلام السياسي في الدراما المصرية أنّه لم يكن مقرراً أن يزيد مشهد اغتيال البنا عن ثلاث دقائق مثل كل مشاهد الاغتيال التي صوّرها المسلسل، «فهل من المعقول أن تُلغى حلقتان كاملتان من أجل مشهد لا تزيد مدّته على خمس دقائق؟». وأشار حامد إلى أن فريق العمل اتفق خلال تصوير الحلقات الأخيرة على أن تنتهي الأحداث بتلك الطريقة، ثم يبدأ التفكير في الجزء الثاني لاحقاً. علماً بأنّ التصوير استمرّ حتى بداية الأسبوع الأخير من شهر رمضان.
ودخل صراع حامد مع الإخوان مرحلة أكثر سخونةً، حين أطلق تصريحات مضادة لما صرّح به أعضاء الجماعة المحظورة في ما يخص المسلسل. وأشار في تصريحاته لـ«الأخبار» إلى أن النتيجة التي خرج بها من التجربة أنّه ليس للحقيقة أصدقاء، «فالإخوان يريدون أن يكون المسلسل على هواهم، ومعارضوهم أيضاً لم تعجبهم انتقادات البنا للسياسة الرسمية في مصر».
وشدّد حامد على أنّ ما أزعجه في ردّ فعل الإخوان هو طريقة الصوت العالي ونشر الاتهامات الباطلة والمسيئة إليه، لا الرد بالحجة والمنطق، «كما أنهم قسموا الحلقات إلى مراحل. وفي كل مرحلة، حاولوا التركيز على سلبيات يرونها من وجهة نظرهم من دون أن يكون هناك أيّ نقاش حقيقي في الحقائق التاريخية التي قدمها المسلسل».

تكتّم على تفاصيل الجزء الثاني، وفيلمه المقبل «الحشّاشون» يتناول ظاهرة الإرهاب

حامد الذي قدم قبلاً العديد من الأعمال المهتمة بالتطرف الديني في مصر، طالب الإخوان المسلمين بإنتاج مسلسل للرد على «الجماعة» بطريقة عمليّة بدلاً من التصريحات التي لا تفيد. وتمسّك بموقفه الخاص بتقديم رجال الأمن في صورة طيبة خلال الحلقات الأولى، مؤكّداً أن الإخوان أنفسهم يشهدون بأنّ معاملة الأمن تغيرت في السنوات الأخيرة، وأنه قدم مشاهد لتعذيب معتقلي الإخوان في الأربعينيات. ولو كان يريد تجميل صورة الأمن المصري، لفعل ذلك على مدى حلقات المسلسل. وأشاد حامد بالأداء المبهر للممثل الأردني إياد نصار، قائلاً إنّه فخور باختياره لإياد من دون سابق معرفة. كما رفض الاتهامات الموجهة إلى المخرج محمد ياسين بشأن عجزه عن استكمال تصوير المسلسل بدليل الاستعانة بثلاثة مخرجين دفعةً واحدةً. وأشار إلى أنّ ياسين هو النجم الحقيقي لهذا العمل، والكلّ أشاد بالصورة التي قدمها بعيداً عن الخلاف السياسي حول المسلسل. وأضاف إنّ الاستعانة بشريف عرفة، ومروان حامد، وتامر محسن جاءت لإنجاز حفنة من المشاهد التي حال ضيق الوقت دون أن ينجزها ياسين، وفي إطار تعاون وتكامل بين هؤلاء المخرجين. وامتنع حامد عن الإدلاء بتصريحات عن الجزء الثاني من المسلسل، وما إذا كان جاهزاً للعرض في رمضان المقبل، لكون الأمر سابقاً لأوانه. واكتفى بالقول إنّ فيلمه المقبل سيكون أيضاً عن ظاهرة الإرهاب وسيحمل عنوان «الحشّاشون».


في المحكمة