في إطار «قسنطينة عاصمة للثقافة العربية»، تحتفي عاصمة الشرق الجزائري بالثقافة التونسية من خلال مجموعة من الفعاليات التي انطلقت أوّل من أمس وتُختتم غداً الأحد. تعود تونس في احتفالية رسمية إلى الجزائر بعد غياب أكثر من خمس سنوات، ويشمل حضورها هذه المرّة المسرح والموسيقى والفن التشكيلي والصور الفوتوغرافية.
وقد افتتحت الفنانة شهرزاد هلال (الصورة)، الأستاذة في «المعهد العالي للموسيقى» في تونس، هذه الفعالية في «المركز الثقافي متعدد الاختصاصات» الذي شُيّده خصيصاً لهذه المناسبة.
هلال التي عُرفت بأداء أغاني الزمن الجميل، قدّمت حفلة تفاعل معها الجمهور الجزائري الذي حملته بصوتها النادر. صوت يُعتبر مزيجاً من أسمهان وأم كلثوم في بداياتها. إنّها رحلة موسيقية تونسية ــ جزائرية غنّت فيها هلال من التراثين التونسي والجزائري ومن إنتاجها الخاص، متنقلة بين الموشحات والأدوار والفولكور الشعبي، فيما رافقتها فرقة من أساتذة الموسيقى (ناي، وقانون، وكمنجة، وباتري، وأورغ، وغيتار، وإيقاع).
ويتضمن برنامج الفعالية أيضاً عرض ثلاثة أفلام لجيلين من السينمائيين التونسيين المكرّسين والشباب. سيعرض محمود بن محمود آخر أعماله «الأستاذ»، إضافة إلى «الشلاط» لكوثر بن هنية، والشريط التسجيلي «الحي يروح» لمحمد أمين بوخريص.
يحضر الفن التشكيلي عبر نخبة من الرسّامين الذين يمثلون أجيال التشكيل التونسي وأنماطه الفنية من حفر وزيت على القماش وأكريليك، بينهم علي عيسى، وبديع شوشان، وعبد المجيد بن مسعود، والهادي التركي، ونجا المهداوي، وعيسى قويرح...
وفي تحية رمزية، يشارك في المعرض الثنائي الجزائري رشيد قريشي وعمار علالوش باعتبارهما أقاما في تونس طيلة العشرية الدامية في بلادهم.
وإلى جانب معرض الكتاب، تضمّن البرنامج معرضاً فوتوغرافياً للمعالم الأثرية التونسية وشبكة المتاحف، فضلاً عن عرض مسرحي لمجموعة من الشباب بعنوان «الماكرون» (نص وإخراج صالح الفالح) من تمثيل مريم قبودي، وإيناس الشعباني، ووليد بن عبد السلام، وشكيب الرمضاني، وقيس عويديدي. يصوّر العمل معاناة المسرحي في تونس والمثقف بشكل عام في العلاقة مع السلطة وخدمها من المثقفين.
في هذا السياق، قال وزير الثقافة الجزائري عزالدين ميهوبي إنّه لا يمكن تصوّر حدث ثقافي في البلاد من دون حضور تونسي، مؤكداً أنّ العلاقات التونسية ــ الجزائرية تعود الى أكثر من ألفي سنة، مذكّراً بأعلام الثقافة العربية الذين عاشوا بين تونس والجزائر مثل ابن شريق وابن خلدون. واعتبر الوزير أنّ الاحتفاء بالثقافة التونسية هو تحية مساندة لتونس في مواجهتها للإرهاب الذي «سيُهزم كما هُزم في الجزائر».