عمّان متشوّقة إلى زمن الحريّة عمان ــ أحمد الزعتري
بعد أيام قليلة على افتتاح «معرض عمّان الدولي الثالث عشر للكتاب»، أبدى ممثلون عن دور النشر العربيّة والأردنيّة تفاؤلاً حذراً. ورغم الانتقادات التي تواجه الجهة المنظمة، أي «اتحاد الناشرين الأردنيين» كل عام، فإنّ الجميع اتفق على «نقطة مضيئة» تكاد تبتلع السلبيات في الدورة الحالية، التي تستمرّ حتّى الأول من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
بعد سنوات من حظر الرقيب، استطاع مندوب «دار الساقي» مثلاً عرض رواية الأردنية عفاف بطاينة «خارج الجسد»، التي مُنعت بسبب جرأتها الجنسية، وانتقاد الجيش والسلطة، وكتاب «الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربيّة» لفريد هاليداي.
مفاجأة شجّعت المزيد من الدور العربيّة على المشاركة. بعد أعوام من الانقطاع، تعود «دار الآداب» للمشاركة، مانحةً زخماً وحراكاً ثقافيّاً للمعرض، عبر حفلات تواقيع كتب أمجد ناصر وسحر خليفة وغيرهما. مديرة الدار رنا إدريس لفتت إلى أنّ «الآداب» كانت قد اتخذت قراراً بالمقاطعة سابقاً بسبب سطوة الرقيب. وما تغيّر هذا العام هو «وعود بالانفتاح، إضافةً إلى الرغبة في التواصل مع القارئ الأردني، المقبل بكثافة على كتب الدار».
إلى جانب دور «الآداب» و«الساقي» و«الفارابي» اللبنانيّة، وداري «الشروق» و«مدبولي» المصريتين، ودار «المجلس الأعلى للثقافة والفنون» الكويتيّة، بقيت معظم الدور الأخرى تمارس ضجيجها التجاري الموسميّ، من عروض على كتب مستعملة باللغة الإنكليزيّة، وعروض مغريّة على الكتب الدينيّة وتعليم الذات و(حبّها)، وكتب تجميعيّة على غرار «أفضل 100 قصيدة حبّ». أما الكويت وسلطنة عمان والسعوديّة وليبيا وفلسطين، فافتتحت ما يشبه ممثليات دبلوماسيّة في المعرض. هكذا ارتفعت صور الزعماء العرب على الرفوف المتخمة بكتب تشيد بسياستهم الرشيدة. هنا يمكن القارئ أن يجد ضالّته في جناح «المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر» الليبي. كذلك بدا الجناح الفلسطينيّ كأنّه يشارك في معرض للأشغال اليدويّة لا في معرض كتاب.
وكما في كلّ عام، تواجه الجهة المنظمة انتقادات بسبب الضعف التنظيمي وسوء اختيار المكان، إضافةً إلى سوء اختيار التوقيت بعد شهر رمضان وفي موسم العودة إلى المدارس، ما جعل الإقبال ضعيفاً. يردّ رئيس «اتحاد الناشرين الأردنيين» خالد جبر مؤكداً أنّ «الاتحاد طالب مراراً بمقرٍّ دائم للمعرض من دون جدوى». وانتقد جبر الدعم الخجول الذي قدّمته وزارة الثقافة لهذا المعرض. لكنّ جبر بدا متفائلاً بنجاح المعرض هذا العام، نظراً إلى تعهّد وزير الثقافة بعدم منع أيّ كتاب، و«تفتّح» ذهن مدير دائرة المطبوعات والنشر الجديد عبد الله أبو رمّان.

رفوف تعجّ بصور الزعماء وكتب الطبخ والدين


مع ذلك، بقي الحذر مسيطراً على دور النشر. ممثّل «الساقي» مثلاً يعترف بأنه مارس رقابة ذاتيّة على الكتب التي يمكن أن تُمنع في المعرض. مستذكراً الرقباء الذين انتشروا بين الأجنحة العام الماضي. لهذه الأسباب ربّما، تجذّرت ثقافة الكتب الدينيّة وكتب الطبخ. هكذا لاحظنا سطوة روّاد الكتب الدينيّة الذين وجدوا في المعرض فرصة لاقتناص مجلّدات التفاسير، والاستفادة من عروض على كتاب «لا تحزن» للشيخ عائض القرني بأقل الأسعار.
يبقى أن نشير إلى ضحالة الفعاليات المرافقة للمعرض، فمن عناوين عريضة فولكلوريّة مثل ندوة «التواصل الفكري بين مشرق ومغرب الوطن العربيّ»، إلى عروض فولكوريّة أيضاً لفرقة «أمانة عمّان للفنون الشعبيّة»...
أما الأمسيات الشعريّة والقصصيّة، فاكتفت بالنجوم المحلّيين، رغم وجود عدد من الكتّاب العرب. ورغم الدعوة في كل دورة إلى التعاون مع «رابطة الكتّاب الأردنيين» في إقامة ندوات وأمسيات تُسهم في الحراك الثقافي للمدينة، بدلاً من اعتبار «معرض عمّان الدولي للكتاب» مجرّد كشك آخر لبيع الكتب في وسط المدينة.


حتّى 1 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل ـــــ «معرض عمان الدولي للسيارات» (طريق المطار ـــــ عمان).
www.unionjp.com