معطف عبّاس بيضون


ننشر تباعاً نصوصاً ورسائل من أصدقاء عباس بيضون وزملائه ومحبّيه حول العالم

نجوان درويش
لا أُصدّقُ أَنّ عبَّاس بيضون عبَر هذا الشارع بمِعْطفه الطويل
ورشَقَ مطراً على شجرِ الرصيف
وأَنّ هواءً حاراً كان يصعَدُ من رئتيه الضاحكتين.
أَخبرتني صاحبتي حكاية المعطف النسائي الذي خرج به عبّاس من المطعم بدل معطفه الذي ما زال مُعلّقاً هناك.
وضحكَتْ حتى سالت دموع الأَلم من المعطف.
قلتُ لها أَن لا تصدّق العلامات التي تُنصَبُ كالفخاخ لتضليل السائحين.
قلتُ لها أَن لا تصدق أَن عبّاس بيضون قد مَرَّ بصلعته اللامعة تحت الأَشجار في يوم ماطر
وأَنه كان يحمل قوساً ويرمي سهامه مثل كيوبيد طالع من ذاكرة الحرب.
لكنها ما زالت تضحك تحتي وفوقي وعن يميني وعن شمالي
ومِنْ شِدّة ما ضحكَتْ وجدتُ نفسي في طائرة تغادر ألمانيا
وأَنا أفكّر فيها، بأَلم مَنْ قطعوا رأسه بالسيف وهو يضحك...

✷ ✷ ✷


ليت عبّاس بيضون منحنا شيئاً من هواء رئتيه!

كتب زميلنا الشاعر المقدسي، في ربيع 2006، هذه القصيدة من وحي لقائه الشخصي الأول بعباس بيضون، ولم تنشر حتى اليوم. وقد اختار أن يخرجها من بين أوراقه، تحيّة إلى عبّاس بيضون القابع في إحدى غرف مستشفى الجامعة الأميركيّة في بيروت، على أثر حادث سير مروّع، ليلة 20 تموز (يوليو) الماضي، بات بوسعنا القول إنّه نجا منه بأعجوبة. والشاعر الذي عاده واتصل مستفسراً عن أحواله عدد كبير من المبدعين والمثقفين والإعلاميّين والسياسيين العرب، تشهد حالته تحسّناً ملموساً منذ أوّل من أمس. فقد صحا صاحب «نقد الألم» الذي أُجريت له سلسلة عمليّات لمعالجة كسور القدمين، وتكلّم وطلب الطعام. وفي انتظار أن يستردّ عافيته تماماً، تنشر صفحات «ثقافة وناس» تباعاً نصوصاً ورسائل ومقالات موجّهة إليه من أصدقاء وزملاء ومحبّين حول العالم.