«ريّس» وائل قديح يخرطش عَ الزمن سناء الخوري
يشيّد عالمه فوق «مدن بلا عيون» كما يكتب في أغنية «30». وجوه صامتة وأرواح ممزّقة تسكن أسطوانته الأخيرة «خرطش عَ الزمن» (2010). في هذا الألبوم، وهو الثالث في رصيد «أوركسترا ريّس بيك»، يواصل وائل قديح مشروعه الأثير في جعل الهيب هوب «وسيلةً للتطهّر». مؤدي ومؤلف الراب اللبناني سيحيي حفلةً مساء السبت 7 آب (أغسطس) الحالي ضمن «صيفيات دير القمر»، ترافقه عازفة الفلوت السوريّة نيسم جلال. جلال هي أحد أعضاء «أوركسترا ريّس بيك» الذين يشاركون وائل ورشته في التأليف والتوزيع. إلى جانبهما نجد عازف العود الفرنسي يان بيتان (شريك نيسم جلال في ثنائي «نون ياء»)، إضافةً إلى إيف بيطار على الباص. وقد انضمّ أخيراً عازف العود اللبناني فهد الرياشي إلى «الأوركسترا».
حفلة «صيفيات دير القمر» تأتي ضمن ليلة للاحتفاء بالموسيقى اللبنانيّة البديلة. فبالتزامن مع حفلة «ريس بيك»، ستفتح المدينة الشوفيّة ساحاتها لمشروع Wormholes السمعي البصري بقيادة مازن كرباج وشريف صحناوي. كذلك ستكون هناك حفلة لفرقة «غوارانا»، ومحطّة لفرقة الروك اللبنانية «مين».
ستكون الحفلة مناسبة ليقدّم الثنائي «ريّس بيك» ونيسم جلال أغنيات من ألبوم«خرطش عَ الزمن»، مع فتح «المجال واسعاً للارتجال». الأسطوانة تحمل عنواناً آخر بالفرنسية L’homme de gauche (الرجل اليساري)، وتضمّ 15 عملاً، بعضها مكتوب باللهجة اللبنانية، وبعضها الآخر بالفرنسيّة. النصوص مسكونة بقلق مؤلفها، وبتمزّقاته الداخليّة. في «30» يسرد سيرة حياته ومعها سيرة جيله الضائع و«خياله المسروق». في «لمين؟» يسأل رجال الحكم في لبنان «عمين عم تكذبوا/ عمين عم تركبوا أفلام/ بتمثلوا/ لمين عم بتبيعوا أحلام؟» قبل أن يختم مرافعته ضد النظام اللبناني ونمط المعيشة القاسي مجاهراً «إيام بحسّ عدوّي هي الدولة اللبنانيّة».
تنتشر في الألبوم مصطلحات وجع الرأس، والقرف، والاختناق، والخوف. في الجانب الفرنسي من الألبوم، يتحوّل «ريّس بيك» من ناطق باسم الشارع اللبناني المتألم والضائع والمقموع، إلى متحدّث باسم المهاجرين العرب في فرنسا... المقموعين أيضاً. في أغنية «مسلم» ينتفض في وجه تنميط الملسمين في بلاد الأنوار... ويطمئننا أنّه لا يربي جملاً في بيته! تتميّز أعمال مغنّي الراب المشاكس بمنسوب مرتفع من النقد للنظام اللبناني، ووعي سياسي راديكالي على المستوى العالمي الأشمل.
في «خرطش عَ الزمن» تبدو كلمات بعض الأغنيات ممسوكة، وترتقي أحياناً إلى مستوى الشعر، لكنّها تقع أحياناً أخرى في فخّ الركاكة... كأنّ تتكرر كلمتا «حروب» و«دموع» أكثر من ألف مرّة في جميع الأغنيات. لكن ربّ مدافع بأن الـRAP فنّ ميداني، لا يأبه بالضرورة لهذه الشكليّات... أمّا الموسيقى فخلاصة «ورشات

يشتغل على إعادة صياغة إيقاع الراب والإضافة إليه

عمل استكشافيّة مع الفريق»، يخبرنا «ريّس بيك». الفلوت والعود والباص، تواكب إيقاع الـ«هيب هوب»، فتخلق جواً موسيقياً وخلفيّة للـ«سْلام» (Slam) أو الكلام المقفّى. الخلاصة مزج يكسّر إيقاع الراب عمداً ويحوّره. «لا أبتغي من هذا المزج بعداً جمالياً. نحن نعمل على إعادة صياغة إيقاع الراب، ونحاول الإضافة إليه، وتحويله إلى مساحة للاختبار».
بعد أكثر من عقد على إطلاقه فرقة «عكس السير» (1997)، تدخل تجربة وائل قديح مرحلة النضج. حين بادر إلى أداء الراب بالعربيّة، بالتزامن مع أسماء أخرى جريئة بين فلسطين والجزائر، لم يجد من ينظر إلى محاولته بجديّة... في عام 2003 أصدر أسطوانته الأولى تحت اسم «ريّس بيك» بعنوان «عم بحكي بالسكوت»، تلتها «مضرّ بالصحة» (2005)... بعد ورشات عمل مع فنانين عالميين، وبعد إعادة صياغة وتنقيح للألبوم الأخير، استمرت ثلاث سنوات، يمكن القول أخيراً إنّ تجربة الـ«هيب هوب» العربي على طريقة «ريّس بيك» وأترابه أصبحت مقنعة جداً...
>hr noshade>
8:30 مساء السبت 7 آب (أغسطس) الحالي ـــــ «صيفيات دير القمر» (الشوف/ لبنان). للاستعلام: 70/455075
www.deirelqamarfestival.org