أزمة السيولة» التي تواجهها الإخبارية اللبنانيّة، لم تعد مجرّد شائعات، بعدما انحلّت الألسنة داخل المحطّة. بل إنّ بعض الموظّفين ذهب إلى حدّ إنشاء مجموعة على الـ«فايسبوك» للمطالبة بالرواتب المتأخّرة منذ ثلاثة أشهر
ليال حداد
قبل أشهر قليلة، خرج للمرة الأولى حديث جديّ وعلني عن الأزمة المالية التي تعانيها مؤسّسات تيار «المستقبل» الإعلامية، وأبرزها قناة «أخبار المستقبل». وتزامن هذا الحديث مع تحسّن علاقات سعد الحريري بسوريا، ما ربطه بعضهم بإمكان إقفال إخبارية «المستقبل» بحجّة انتهاء دورها السياسي.
اليوم يبدو الوضع مختلفاً. إذ قرّر الموظفون والصحافيون داخل القناة الاحتجاج علناً على التأخّر في دفع الرواتب والمستحقات. هكذا أنشأ عدد منهم مجموعة احتجاجية على موقع «فايسبوك»، يعترضون فيه على تجاهل إدارة المحطة لحقوقهم المادية
«يشكو الموظفون في «أخبار المستقبل» ـــــ المثّبتون منهم وذوو التعاقد الحر ـــــ من التأخير في دفع مستحقاتهم شهرياً، منذ أكثر من عام لأسباب غير واضحة، منها خلافات وعراقيل إدارية، أو أبعاد سياسية لا علاقة لنا بها (...) نقدّر وجود صعوبات لكن نطالب بتوضيحات، وبمعالجة الوضع في أسرع وقت». هذا ما كتبه الصحافيون المحتجون لتقديم مجموعة «اعتراضاً على التأخير في تسديد مستحقات الموظفين في أخبار المستقبل». وتوالت التعليقات المعترضة، وشهادات الصحافيين الذين لم يقبضوا متستحقاتهم منذ فترة، ووصل الأمر ببعضهم إلى حدّ شتم المؤسسة وإدارتها التي «لا تتمتّع بالكرامة والمسؤولية، والتي لا تحترم نفسها ولا موظفيها» على حد تعبير إحدى المحتجّات. مؤسِّسة المجموعة هي هلا قمبريس، مساعدة مديرة البرامج غير السياسية في القناة ديانا مقلّد. تشرح قمبريس لـ«الأخبار» أنّ الوضع لم يعد يُحتمل «حتى الساعة لم يقبض قسم كبير من المتعاقدين freelancers مستحقاتهم لشهري حزيران (يونيو) وتموز (يوليو)، هل يعقل ذلك؟». وتضيف إنّ تجاهل حقوق الإعلاميين لا يقف عند المتعاقدين، بل إنّ التأخّر في دفع الرواتب طاول قسماً من الموظفين «نقبض قسماً من رواتبنا أول الشهر. أمّا القسم الأكبر منا، فعليه الانتظار حتى منتصف الشهر ليتقاضاه».

تتحدّث هلا قمبريس عن السلوك غير المهني لبعض مسؤولي المحطة
وتتحدّث قمبريس عن التعاطي غير المهني الذي ينتهجه بعض المسؤولين عن الرواتب في المحطة: «إذا غادر مذيع واستقدمنا آخر، ترفض المحطة الدفع بحجة أنّه غير مسجّل عندها، رغم أن الحلقات التي قدّمها تكون قد بثّت على الهواء»! انطلاقاً من كل ما سبق تسأل الإعلامية الشابة: «هل يريدون إخراجنا من المحطة؟ ليقولوا لنا ذلك عندها نبدأ بالبحث عن عمل آخر». ولدى سؤالها عن الحل الذي تقترحه، تؤكّد أنه لا مشروع واضحاً لديها، «ولكن على الجهات العليا التدخّل. هل يجب أن نتّصل بسعد الحريري؟ لا أعرف!».
يرى قسم من العاملين في «أخبار المستقبل» أنه بات على زعيم «المستقبل»، رئيس الحكومة الحالي، التدخّل مباشرةً لضبط الأوضاع داخل مؤسسته الإخبارية. «قرار سعد الحريري يجب أن يكون حاسماً» تقول مديرة البرامج غير السياسية ديانا مقلّد لـ«الأخبار». وتعبّر الإعلاميّة المعروفة عن تفهّمها التام لتململ العاملين في المحطة وغضبهم. تعترف مقلّد بأنّ القناة تعاني أزمة سيولة مالية، وأزمة ديون كبيرة، لكنّها تعود لتقول «الأزمة كبيرة، والوقت بات ضاغطاً. أما جوّ العمل داخل القناة، فلم يعد منتِجاً بسبب كل هذه المشاكل. لذلك أتمنّى على الإدارة وعلى سعد الحريري أن يعلنا حلّاً قريباً».
يُذكر أنّ الأزمة لا تقتصر على العاملين في بيروت فحسب، بل تطاول المراسلين في مختلف المناطق، الذين بدأوا يحتجون على التأخير في دفع الرواتب. وعلمت «الأخبار» أنّ مراسلي القناة في مكتب الشمال لم يقبضوا أيّ فلس منذ أربعة أشهر... فهل تصحّ الأخبار التي تردّدت عن دمج قناتَي تلفزيون «المستقبل»؟ أم أن المشاكل العائلية داخل آل الحريري ستحول مجدّداً دون عملية الدمج؟