بيار أبي صعبفي بيروت، مدينة الخرائب والعجائب التي تخدع نفسها ليل نهار، مثلما تخدع العالم، هناك مركز يحمل اسم سمير قصير. «سكايز» ـــــ تكثيف بالإنكليزيّة لـ«عيني سمير قصير» ـــــ يدّعي منذ سنوات احتلال مواقع متقدّمة على جبهة «الحريات الإعلامية والثقافية» في العالم العربي. هذا «العالم» الذي يعرفه نجوم المركز جيداً بطبيعة الحال، وينتمون إليه حكماً، ويحملون جراحه، ومشاريع التقدّم والتحرّر والديموقرطيّة فيه، وهموم شعوبه ومعاناتهم وتطلّعاتهم، كما حمل الناصريّ صليبه، ذات مرّة، على درب الجلجلة. بل إن التطلّعات العروبيّة لـpasionaria «سكايز» وملهمته، وصلت بها، قبل أشهر، إلى حدّ افتتاح مهرجان «ربيع بيروت» بـ«محاضرة» لأحد رموز النهضة القوميّة، أي رجل الأعمال المصري، وشريك نيلي باراك، نجيب ساويرس.
للأمانة، فإن المركز حدّد مجال نشاطه، حتى إشعار آخر، بجزء من العالم العربي تابع لـ«محور الشرّ». ليست هناك أصلاً مشاكل حريّات تذكر في تونس مثلاً، أو في السعوديّة لا سمح الله. لكن ماذا عن جنوب لبنان؟ لم ينتبه مناضلو «سكايز» إلى سقوط زميلنا عسّاف أبو رحّال في العديسة، مطلع الشهر، بقذيفة أطلقتها دبّابة إسرائيليّة. ولم يستحق دمه الذي امتزج بدم الجنديين اللبنانيين، بياناً صغيراً من تلك البيانات التي تغزو عادةً بريدنا الإلكتروني كأنّها تقول: «نحن هنا، هل رأيتمونا؟». وأول من أمس اقتيد صحافي آخر في «الأخبار»، هو الزميل حسن علّيق، إلى مديريّة استخبارات الجيش، ونعته وزير الدفاع بالعميل والجاسوس. لكنّ المركز، الانتقائي على ما يبدو في دفاعه عن الحريّة، لم يترك لهذا التفصيل البسيط أن يعكّر مزاجه الصيفي. كل ذلك باسمك يا سمير؟