يوسف الصدّيق» و«السيّد المسيح» و«مريم العذراء» ثلاثة مسلسلات أشعلت الجدل في تونس، بعدما رفع محامون عريضة تطالب بوقف «الانتهاك الخطير لعرض أنبياء الله»!
تونس ــ سفيان الشورابي
الضجّة السابقة كانت بشأن مسلسل «صدام» الذي عرضته قناة «نسمة تي في»، وأثار موجة غضب عارمة بسبب تناوله حياة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في صورة عدّها أتباعه «مهينةً»... لكنّنا هذه المرّة في تونس أمام قضيّة أكثر خطورة وجديّة، انفجرت بدورها بسبب... مسلسل تلفزيوني. ها هي القنوات التونسية تثير سخط جزء بعض المشاهدين، بسبب ما عدّه بعضهم «انتهاكاً خطيراً لعرض أنبياء الله»! منذ اليوم الأول من شهر رمضان، بدأت بعض الفضائيات التونسية الخاصة تبث لقطات يومية عن مسلسلات تاريخية أغلبها من إنتاج إيراني ستعرضها خلال شهر الصوم. ويتعلق الأمر بمسلسل «يوسف الصدّيق» الذي يتحدث عن النبيَّين يوسف ويعقوب، على قناة «نسمة تي في»، ومسلسلي «السيّد المسيح» و«مريم العذراء» على قناة «حنبعل تي في».
ومع أنه لا أحد يعلم حتى حد الآن مضمون تلك المسلسلات، ولا طريقة تعاطيها مع هذه الشخصيات على اعتبار أنها لم تعرض بعد، فإن ذلك لم يمنع بعض المتزمتين من ركوب الحدث، لإثارة النعرات الدينية، أو للبحث عن بعض الشهرة بسبب قضية يدري الجميع أنها «مربحة»، إذ إن المسألة الدينية تلفت دوماً الأنظار.
عريضة إلى مفتي تونس... «نسمة تي في» و«حنبعل تي في» في الدوّامة
هكذا، وجّهت مجموعة من المحامين عريضةً إلى مفتي تونس الشيخ عثمان بطيخ، تطالبه فيها بالتدخل بما لديه من «سلطة دينية لمنع بث هذه المسلسلات ذوداً عن أنبياء الله، وصوناً لركن من أركان الإيمان، وحتى لا تصل الحال إلى تمييع مكانتهم، وجعلها حديث العامة كحديثهم في سائر المسائل الفنية والرياضية». وأضاف هؤلاء أنّ «السُّنة تحرّم تجسيد الأنبياء وكبار صحابة الرسول».
دعوة واضحة إذاً إلى مصادرة الإبداع، بحجّة منع المسّ بـ«المحرمات»، وتحريض على تدخل رجل الدين في مسائل غير فقهية.
المسؤول الإعلامي في قناة «نسمة تي في» قال لـ«الأخبار» إنّ القناة ألّفت لجنةً شاهدت مسلسل «يوسف الصدّيق»، واستشارت علماء دين تونسيين للتدقيق في مدى ملاءمة أحداث المسلسل لما ورد في القرآن، وما تطرق إليه الكتّاب الأولون لتاريخ الإسلام، حتى لا يقع سوء تأويل». وأضاف أنّ «القناة اختارت بث المسلسل بعدما تأكّدت من إقبال جمهور المغرب العربي عليه عندما بثته قناة «المنار»». علماً بأنّ مسلسل «يوسف الصدّيق» يحكي قصة النبي يوسف منذ ولادته حتى لقائه بأبيه النبي يعقوب بعد غياب طويل. المسلسل الذي يتألّف من 45 حلقة، بدأ الإعداد له منذ عام 2004 واستغرق العمل على تنفيذه أربع سنوات.
هذه الاحتياطات الدينيّة لا تكفي لاستيعاب غضب الغيارى على الدين والإيمان. إذ قال أحد الموقعين على العريضة المحامي سيف الدين مخلوف لـ«الأخبار» إنّ جماعته ترفض بث تلك المسلسلات أصلاً، بصرف النظر عن تطابق أطوارها مع حقيقة التاريخ، فـ«الأنبياء لا يتجسدون في ممثلين لا يمكن أن تكون مكانتهم وقامتهم في مستوى الرسل».