أسباب عدّة تقف خلف انخفاض نسبة مشاهدة التلفزيون الرسمي في الجزائر. لكنّ الأكيد أنّه حتى الساعة، ما زال عاجزاً عن منافسة الفضائيات العربية رغم الجهد الذي حاول بذله في شبكته الرمضانية الحالية
الجزائر ـــ سعيد خطيبي
مع انطلاق شهر رمضان، اتّضحت معالم البرامج التي بدأ عرضها على شاشة «التلفزيون الجزائري». ويبدو واضحاً أنّ هذا الأخير يحاول أن يظهر في حلّة جديدة من خلال تغيير بعض الأسماء التي أطلّت على شاشته لسنوات طويلة. هكذا، يراهن التلفزيون الرسمي على الأعمال الكوميدية المحليّة، والدراما السورية، لكن دائماً من دون القدرة على إقناع وجذب المشاهد الجزائري، الذي لا يزال يلجأ إلى باقي الفضائيات العربية طيلة شهر الصوم. إذاً، ارتأت إدارة «التلفزيون الجزائري» لاستعادة ثقة الجمهور، استبعاد بعض الوجوه الكوميديّة التي كرّست حضورها خلال السنوات الخمس الماضية. وأبرز هؤلاء صالح أوڤروت (بطل مسلسل «جمعي فاميلي»)، ولخضر بوخرص (بطل مسلسل «عمارة الحاج لخضر») وحميد عاشوري (مقدّم برنامج «بوراكة»). ولجأ التلفزيون إلى استبدال هؤلاء بوجوه جديدة لا تقلّ موهبة عن الممثّلين الغائبين، لكنها ظلّت لسنوات طويلة ضحية الحسابات الخاصة للمنتجين.
هكذا حاول التلفزيون الرسمي مع انطلاق رمضان تقديم مجموعة منوّعة من البرامج، أهمّها برنامج الكاميرا الخفيّة «واش اداني» للمخرج جعفر قاسم، الذي يحظى بنسبة مشاهدة عالية بما أنّه يُعرض مباشرةً بعد الإفطار. ويرى البعض أنّه الورقة الرابحة بالنسبة إلى المحطة، وخصوصاً أنّ مجموعة من النجوم العرب والجزائريين كانوا ضحية مقالبه مثل المغنية حسيبة عبد الرؤوف، والممثلة السورية منى واصف، والمغنية المغربية لطيفة رأفت، إضافةً إلى المدرب رابح سعدان واللاعب عنتر يحيى. لكن الإعجاب بالبرنامج لا ينسحب على كل المشاهدين، إذ يرى البعض أنه ينطوي على كثير من الارتجال وافتعال المواقف غير المتناغمة مع الحوار، وهو ما يسبّب في رأيهم إفشال بعض الحلقات. حتى مقدّم البرنامج حكيم زلوم لم ينف الأمر، بل كشف عن فشله في الإيقاع بضيفَين هما الممثل سيد أحمد أڤومي، واللاعب مجيد بوقرّة. ويدافع المخرج جعفر قاسم عن البرنامج مبرّراً الهفوات بمدة الإعداد والتصوير القصيرة. وكشف المخرج أنه يركّز اهتمامه في الوقت الحالي على مشروع فيلم عن الشهيد العقيد لطفي، بالتعاون مع المنتج الصادق بخوش، الذي أنتج «مصطفى بن بولعيد». وهو المسلسل الذي يُعرض حالياً على «التلفزيون الجزائري».
أما على صعيد المسلسلات الدرامية، فقد عاد «جحا» بعد غياب عامَين، من دون أن يتمكّن من تقديم أفكار جديدة إلى المشاهد. العمل الذي يؤدّي بطولته حكيم دكار، ويُخرجه عمار محسن، يركّز على تكرار قصص قديمة، وخوض مغامرات تنتقل من أيام الخلافة في الأندلس، إلى فوضى وتحوّلات الألفية الجديدة، وفق قفزات سريعة، يبرّرها حكيم دكار بضيق الوقت. مع العلم أنّ كل حلقة من المسلسل تراوح بين 45 و50 دقيقة.
تخلّى التلفزيون عن ممثلين مخضرمين لصالح عدد من الوجوه الجديدة
ويحظى مسلسل «الذكرى الأخيرة» للمخرج مسعود العايب باهتمام الجمهور الجزائري. وما زاد من ألقه استقطابه لمجموعة من النجوم، مثل أحمد بن عيسى، ومليكة بلباي، وعز الدين بورغدة، ونوال زعتر. كما أنّه يركّز على عدد من جوانب الحياة الاجتماعية وتناقضاتها، وعبثية العيش في الجزائر، ولكن من دون أن يخرج عن الإطار التقليدي والمعتاد في معالجة هذه الأمور. إلى جانب كل ما سبق، يعرض التلفزيون يومياً مجموعة من الأعمال المحلية الأخرى التي لم تثر الاهتمام، مثل «دار الدا مزيان»، و«أعصاب و أوتار وأفكار». وتنافس هذين العملين المسلسلات السورية التي تكتسح بقوة الشبكة الرمضانية الجزائرية، من بينها «الصندوق الأسود»، لسيف الشيخ نجيب، و«القعقاع بن عمرو التميمي» للمثنّى صبح، و«رايات الحق» لمحمود دوايمة، و«وراء الشمس» لسمير حسين.
وتجدر الإشارة إلى أن تجاهل شبكة «التلفزيون الجزائري» لا تقتصر على المشاهدين، بل أيضاً على مجموعة من الممثلين المعروفين الذين أعربوا عن خيبتهم من البرمجة، مثل صالح أوڤروت، الذي قال إنّه لا يشاهد الأعمال التي يبثها التلفزيون بعد الإفطار. وذكرت الممثلة بيونة في تصريح لـ«الأخبار»: «لا أرى في برامج هذا العام شيئاً مميّزاً». وقالت إنّ المنتجين باتوا يتجاهلونها ويرفضون دعوتها إلى البرامج المحلية، ما دفعها إلى قبول دعوة قناة «نسمة تي في» والمشاركة في سيت كوم «نسيبتي العزيزة».
ويردّد بعض المراقبين أنّ سبب ضعف التلفزيون الرسمي خلال شهر رمضان هو اليد الحديدية التي تفرضها الإدارة برئاسة محمد العلمي على البرمجة. وكان العلمي قد خلف قبل عامَين المدير العام السابق للتلفزيون حمراوي حبيب شوقي. ولكن هذا ليس السبب الوحيد. إذ يقول المراقبون إنّ غياب الثقة بين الكوميديّين والمنتجين المنفّذين، وتبادل التّهم والادعاءات والادعاءات المضادة، وخصوصاً في ما يتعلق بالحقوق المادية وعدم تلقّيهم الرواتب والعلاوات المتفق عليها، هي من الأسباب الرئيسية التي أضعفت شبكة التلفزيون الرمضانية.


«أبو ظبي» سرقت الـ«أحلام»

من أجل جذب أكبر شريحة ممكنة من المشاهدين مع بداية شهر رمضان، راهن «التلفزيون الجزائري» على مسلسل «ذاكرة الجسد» للمخرج نجدة أنزور، من بطولة أمل بوشوشة وجمال سليمان، المقتبس عن رواية أحلام مستغانمي. لكن ما لبثت أن وقعت دائرة البرمجة في مشكلة فرق التوقيت بين عرضها للمسلسل وعرض قناة «أبو ظبي» له. وقد دفع هذا الأمر المشاهدين إلى متابعة العمل على «أبو ظبي» بدل «التلفزيون الجزائري». كذلك، فإنّ لغة المسلسل العربية الفصحى لم تلقَ الإجماع. مع ذلك، يبقى هذا العمل واحداً من أهم المسلسلات التي تبثّ على التلفزيون الرسمي خلال شهر الصوم.