القطيف ــ مريم عبد الله«دمية» هو عنوان العمل الثاني للسينمائيّة السعودية ريم البيات (1982)، ويتناول الساعات الأخيرة التي تسبق زواج فتاة في الثانية عشرة. الشريط الروائي القصير يفتح الباب الموصد على أصيلة، ويُسمعنا بكاءها ونداءات الاسترحام إلى والديها، إذ ترجوهما عدم تسليمها إلى ذاك الرجل المخيف.
لم تشأ المخرجة تصوير شخصية العريس وما إذا كان عشرينياً أو سبعينياً. تقول ريم: «في الحالتين، أعدّ ذلك جريمةً بحق الطفولة التي يرونها جسداً قابل للتشكيل حسب رغبات السلطة الذكوريّة». وتظهر الأم الثلاثينية القاسية وهي تجبر ابنتها على الزواج، كأنها تعيد سيناريو حياتها حين زُوّجت برجل يكبرها سناً.
دمى تتدلّى من السقف، لقد استسلمت أصيلة لمصيرها
«دمية» خرج قبل صدور قرار وزارة العدل في السعودية توزيع «عقود نكاح» يُذكر فيها عمر الزوجة، في خطوة للحدّ من زواج القاصرات بعد فضيحة «بنت بريدة» التي أجبرها أبوها على الزواج من رجل ثمانيني. هذا النوع من الزواج لا تقتصر فضائحه على السعودية، بل يمتد إلى مصر حيث «زواج القاصرات السياحي»، واليمن حيث هدّد الشيخ المعروف عبد المجيد الزنداني بخروج تظاهرة مليونية ضد قرار الحكومة تحديد سن زواج الفتيات. ولا تنتهي هذه الظاهرة عند العراق المحتلّ والأردن طبعاً.
استخدمت المخرجة أربعة آلاف مشهد من أصل خمسة آلاف لقطة صُوّرت في القطيف بتقنية التصوير الفوتوغرافي مع طاقم محلي سعودي بالكامل. موسيقى الروك رافقت بكاء أصيلة وتزويجها، فيما ألبستها المخرجة طرحة سوداء. وجاءت نهاية الشريط بمشهد يظهر دمى صغيرة تتدلّى من سقف الغرفة، في إشارة إلى استسلام أصيلة لقدرها.
الفيلم الذي يستوحي قصصاً حقيقية، كتب له السيناريو أحمد الملا. وتؤدي دور البطولة فيه الطفلة نور المشامع، وعبد الله الجفال، والفنانة شعاع توفيق، فيما وضع الموسيقى التصويرية فواز الشواف وعصام الغامدي. وسيقدّم الشريط في مهرجانات عربية ودولية، بعد مشاركة أولى في «مهرجان الخليج السينمائي الثالث» في دبي، الذي احتضن فيلم ريم البيات الأول «ظلال». تقول صاحبة «ظلال» و«دمية» التي درست التصوير الفوتوغرافي والإخراج في بريطانيا: «أحاول إثبات حضوري في منطقتي، ولم أحاول الانطلاق من الخارج رغم أن الحركة بالنسبة إلى امرأة مثلي تبقى محدودة في مجتمعنا. لكن ذلك لن يمنعني من تحقيق مشروعي السينمائي، وانتظار الفرصة المؤاتية لفتح التجربة على آفاق أوسع».
المخرجة العشرينية التي تحلم بالانضمام إلى مؤسسة محترفة في صناعة الأفلام، وتأسيس معهد للسينما في المنطقة، تنتقد الأعمال الخليجية السينمائية والدرامية، وترى أنّها غالباً «مفتعلة»، لا تعبّر عن مجتمعنا أو حياتنا اليومية.