عماد خشانتطلبون منّي أيّها الأصدقاء أن أكتب عن الحلقة الجديدة من سلسلة «وادي الذئاب» التركيّة، وهي هذه المرّة مخصصة لفلسطين، بعد الاعتداء على «أسطول الحريّة». وأنا أجيبكم: كيف للفيلم المذكور أن يبلغ هذي الشطآن؟ حرية التعبير هنا لا تشمل رمي إسرائيل ولو بوردة، وفيلم مماثل سيُرشق فوراً بتهمة «العداء للساميّة». لذا، فإن وصوله إلى القمر أسهل من وصوله إلى نيويورك.
الرقابة في بلادنا مزحة مقارنةً بالرقابة هنا. الرقيب الأميركي هنا هو المشاهد ومجموعات الضغط وشركات الإعلانات. الرقيب هو رأس المال، وكل مَن يثير غضب الأخ الأكبر، سيجد نفسه بلا عمل. الأستاذ الجامعي الذي ألّف كتاباً عن دور اليهود في تجارة الرق، وجد نفسه منبوذاً. المحطة التي أرادت عرض برنامج وثائقي عن حياة ياسر عرفات، هدّدها المشاهدون أنفسهم بوقف الاشتراكات. وكان الحل أن تسبق البرنامج مقدمة «تحذّر» المشاهد من خطورة ما سيشاهده، وتدعوه إلى عدم التعاطف مع عرفات.
فيلم «وادي الذئاب» التركي، وصوله إلى القمر أسهل من وصوله إلى بلاد العم سام!
وقبل سنوات، حاولت فرقة «الحكواتي» المقدسية تقديم مسرحية في نيويورك، فقامت قيامة المدينة وأهلها. وكان الحل أن تشارك، بموازاة «الحكواتي» التي تحكي تاريخ فلسطين، فرقة إسرائيلية تحكي تاريخ إسرائيل.
لا شيء يرعب إسرائيل وجماعات الضغط الموالية لها في الولايات المتحدة أكثر من منح العرب مجالاً لمخاطبة الجمهور الأميركي... لأنّها تعرف أنّ جزءاً كبيراً من دعم المواطن الأميركي لإسرائيل يتوقف على جهله بحقيقة الصراع وتاريخ المنطقة وأفعال إسرائيل. كيف ننتظر من الدولة المبنية على كذبة أن تعطي لضحيتها حقّ الكلام؟
في أي وادٍ خفي من نيويورك سيعرض «وادي الذئاب» والحالة هذه؟ حتّى فيلم «النمر والثلج» (2005) لروبيرتو بينيني عن حرب العراق، مرّ مرور الكرام هنا، رغم شعبية صاحبه منذ تناول المحرقة في فيلمه الشهير «الحياة حلوة».
أقول هذا متمنياً أن أعيش لأرى الولايات المتحدة تعود إلى المبادئ التي قامت على أساسها، مثلما أحلم بيوم يصير فيه لبنان والبلدان العربية دولاً يعامل فيها المواطنون جميعاً على قدم المساواة، بغض النظر عن دينهم وطائفتهم وجنسهم. حتى ذلك الوقت، لا نملك سوى الحلم والانتظار. هل يصل فيلم «وادي الذئاب ـــــ فلسطين» إلى أرض الحرية، حرية الفرد والرأي والتعبير؟ قولوا إن شاء الله!