بشير صفير
السنة الماضية، في مقالة تناولنا فيها تجربة الفنانة اللبنانية حنين قبَيْل حفلتها في «مهرجانات بيت الدين» («الأخبار» عدد 30 تموز/ يوليو 2009)، أشرنا إلى أنّ هذه التجربة العربية ـــــ الكوبية لاقت نجاحاً كبيراً عند ولادتها في أواخر التسعينيات. وأضفنا أنّ ألبوم حنين الأول حظي بنجاح لم يلقه عملها الثاني «10908 كلم». يومها، اعتقدنا أنّ الألبوم الثالث قد لا يبصر النور، إذ لا يبدو أن هذا المزيج قابل للتطور. غير أن حنين أطلقت أخيراً ألبومها الثالث. الشكل الذي اتخذه «حنين إي سون كوبانو ـــــ مهرجانات بعلبك وبيت الدين» يؤكد أنّ التجربة فقدت الكثير من وهج الانطلاقة. في العمل الجديد، جمع راعي حنين، المنتج ميشال ألفتريادس، مواد موسيقية من ثلاثة مصادر لتكوين الأسطوانة: أربع أغنيات من مشاركة في «مهرجانات بعلبك 2004» ستّة من حفلة «بيت الدين 2009» وثلاثة جديدة، إحداها ليست إلا إعادة مزج (Remix) لأغنية من الألبوم الثاني.
إذاً، بعد ستّ سنوات على ألبومها الثاني «10908 كلم»، كان متوقعاً أن تكون الفترة الفاصلة الطويلة قد أتاحت الفرصة لإنجاز تقدم. لكن التطور طاول الشكل من دون المضمون، ونقصد بالشكل غلاف الأسطوانة الكرتوني الأنيق.
بداية، نذكِّر بأن مشروع ألفتريادس مع المغنية حنين والفرقة الكوبية Son Cubano يقوم على استعادة كلاسيكيات طربية شعبية وأعمال فولكلورية، من لبنان ومصر خصوصاً، إضافة إلى أغنيات خاصة قليلة. وقد لاقت هذه التوليفة نجاحاً كبيراً لدى الجمهور.

التقدّم طال غلاف الأسطوانة من دون مضمونها
عندما انطلق المشروع، كانت الموسيقى الكوبية لا تزال سلعةً جديدة في العالم. وكان تغييب الروائع القديمة والفولكور الشعبي عن الترويج الإعلامي، قد ولّد شوقاً إليها. وبعيداً عن الملاحظات السلبية التي يمكن تسجيلها على هذه التجربة، وكذلك نقاط القوة التي تكتنفها، يمكن القول إن أسباب نجاحها هي ذاتها أسباب ركودها. بمعنى آخر إن الشوق إلى صديق قديمٍ يولِّد الترحيب به، لكن لقاءه المتكرّر يولِّد نفوراً منه.
نعود إلى ألبوم حنين وفرقة Son Cubano الجديد «حنين إي سون كوبانو ـــــ مهرجانات بعلبك وبيت الدين»، الذي يضمّ 13 أغنية. الأربع الأولى تعود إلى 2004، وهي عبارة عن إعداد لمجموعة من كلاسيكيات الفولكلور («روزانا»، «دلعونا»، «هوارة» و«غزيّل») مقتطفة من عرض لألفتريادس في بعلبك (تسجيل استوديو). هنا يبدو اللقاء هجيناً مع كوبا، بسبب عدم تناغم عناصر هذه الأعمال مع خصائص الموسيقى الكوبية. إلى ذلك، أضيف تسجيل حيّ لبعض ما غنّت حنين وفرقتها في بيت الدين، ضمّ أعمالاً من ألبومَيْها الأولَيْن، وأخرى جديدة أو خاصة. كذلك، نجد في الأسطوانة ثلاث أغنيات تحت عنوان «إصدارات جديدة»، هي Tutti Frutti و«راحوا» ولـ«لمّا عَ طريق العين». وهذه الأخيرة سمعناها في ألبوم حنين الثاني.