الرباط ــ محمود عبد الغنيكما كلّ عام يحلّ رمضان، ويكتشف المغاربة أن التلفزيون الرسمي عاجز عن تقديم أي مسلسل أو برنامج محلّي يشبه المجتمع المغربي، أو يقترب من مشاكله الاجتماعية والاقتصادية. هذا العام لم تختلف الصورة رغم الملايين التي خصّصت لبرمجة هذا الشهر، ورغم الحملات الترويجية المكثّفة التي وعدت المشاهد «بأروع الإنتاجات الدرامية والفكاهية والترفيهية». هكذا سرعان ما انطفأت حماسة المشاهد الذي أدرك أن كل الوعود بتقديم إنتاجات مميزة وجديدة لم تكن سوى عملية تشويق مزيّفة. إذ يبدو واضحاً أن كل البرامج المعروضة لا علاقة لها بالمجتمع المغربي أو بوتيرة تطوّره، وقلق مواطنيه، وتحوّل مُدُنه. كما أن أغلب المسلسلات تجاهلت الأدب المغربي الذي يمكن الرجوع إلى نصوصه وتحويلها إلى إنتاجات درامية تنقل نبض المغرب الحديث. وما يزيد الطين بلة، هو أن نجوم رمضان لا يتغيّرون كل عام، رغم بعض الاحتجاجات العلنية التي رفعها عدد من المواطنين والصحافيين إلى التلفزيون المغربي. ووصل الأمر بأحدهم إلى حدّ التهديد برفع دعوى قضائية بحجة سوء استخدام أموال الشاشة الرسمية التي يدفعها المواطنون من خلال الضرائب. أما على جبهة الإعلام المكتوب فحدّث ولا حرج، إذ يوفّر شهر الصوم مادة دسمة للصفحات الفنية التي لا يكاد يمرّ يوم واحد دون أن تنتقد البرمجة الرمضانية ومستواها الهزيل.
واللافت أن إدارة التلفزيون المغربي تبدو غير معنية بهذا الاستياء العام، بل تعتبر نقد الصحف لبرمجتها كلاماً غير واقعي رغم أن نسبة مشاهدة بعض القنوات الرسمية قد وصلت إلى أقلّ من واحد في المئة! ويرفض القيّمون على الإعلام الرسمي البحث عن حلول جذرية أو معالجة الأزمات الداخلية المزمنة التي أنهكت التلفزيون. كما أنّ «الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري» المولجة مراقبة أداء المحطات الرسمية، بهدف تطويرها وتمكينها من المنافسة الإعلامية، تتجاهل كل الانتقادات التي تتناقلها الصحف يومياً.
وكنتيجة طبيعية لكل ما سبق، يتّجه المشاهد المغربي إلى متابعة الفضائيات العربية التي تعرض المسلسلات السورية والمصرية، وحتى اللبنانية والخليجية. إذ نجحت جميعها في جذب المشاهد المغربي على حساب الإنتاجات المحلية التي تعتمد على تصوير بوادي المغرب وقراه بصورة غير حقيقية وغير لائقة.
أما الفضيحة الكبرى التي استفحلت هذا العام، فهي استخدام اللغة المحلية على حساب اللغة العربية السليمة. نرى مثلاً إعلانات ومسلسلات مكتوبة ومقروءة بلغة عربية محلية غير صحيحة في كثير من الأحيان. ويمكن رصد هذه الظاهرة خصوصاً في المسلسلات الكوميدية المعروضة في هذا الموسم.