حسين بن حمزةفي مجموعتها «هكذا أحبّه» (دار الكوكب)، وهي الثانية بعد «رمّان» (2008)، تكتب سعاد جروس نصاً مباشراً لا تتلكّأ كلماته في الذهاب إلى معانيها الواضحة. هناك وظيفةٌ ما تؤديها هذه النصوص. الوظيفة، وشقيقاتها الأخرى كالمقولة أو الرسالة، ليست صفاتٍ مرذولة بالمطلق. المحكّ هو الطريقة التي تتسرّب بها هذه الوظيفة إلى الشعر. ما المساحة التي تحتلها؟ هل تطفو على سطحه؟ أم تعوم في الأعماق؟
أغلب ما نقرأه في مجموعة الصحافية والشاعرة السورية هو ترجمات سريعة لأفكار ومواقف ومشاعر شخصية. الترجمة السريعة لا تُمهل النصوص المكتوبة كي تتغذّى من ألاعيب المخيلة ومهارات اللغة. هكذا، نجد مفارقات غير معتنى بها شعرياً، أو بيانات غاضبة وأحكاماً قيمة على الواقع.
ممارسة كهذه تسمح لقصيدة مثل «شرف المحاولة» أن تدّعي الشعرية: «إذا كان لا بدّ من نجاح، فلا مناص من البدء من حيث فشل السابقون. تكرار التاريخ نفسه إصرارٌ على محو الفشل باحتمال. تراكم المحاولة إنجاز أيضاً، حين لا تجاوز ولا غفران». النقاش الفكري الدائر هنا يتسلّح ببعض الكوميديا السوداء في قصيدة «ضرورة»: «تاريخنا/ دخل ميديا فُل أُتوماتيك وخرج/ فيديو كليب مدهش جداً/ زهايمر/ اضطراري لتربض/ أمتنا السعيدة بسلام». بجوار هذه الخطابية المستحوذة على عناصر القصيدة كلها، نقرأ جملاً من النوع نفسه في قصائد أخرى. كأن تقول الشاعرة: «مخصصاتنا الوطنية من التفاؤل نفدت»، أو نقرأ

مجموعتها «هكذا أحبّه» هي الثانية لها بعد «رمّان» (2008)


قناعة شخصية على شكل قصيدة: «الإيمان بوجود عدالة في السماء/ ضروري/ لتسكين ألم غياب العدالة على الأرض».
في النصف الثاني من المجموعة، نقرأ قصائد هامسة وأقل خطابية، لكن معظمها ينتهي إلى معانٍ متسرّعة وعادية. في قصيدة بعنوان «عطش» نقرأ: «أرضٌ جافة متشققة/ ترتشف مطراً يُفاجئ أيار/ هي روحي/ إذْ تتفتح كل خلاياي/ لتعبَّ رائحتك/ ولا ترتوي». وفي قصيدة «رجولة»، امرأة متطلِّبة مضطرة لتمريغ مشاعرها مع رجلٍ لا يستحق: «لا تزهدْ بمشاعر/ تُبذل أمامك بسخاء/ فأنت لست ألفيس بريسلي/ ولا فارس بني عبس/ ما أنت إلا شخصٌ/ وقعت عليه عيناها/ حين أدبر الزمن».
بين صور واستعارات مباشرة كهذه، يصعب حتى على بعض الصور والتراكيب المعقولة أن تُري نفسها للقارئ. إنها ضائعة في لجّة ممارسة شعرية تضحّي بالشعر أثناء سعيها إليه.