بيار أبي صعبرجال ونساء من شتّى الأجيال والانتماءات يقيمون بين أوطان ومناف مختلفة، يجمع بينهم قاسم مشترك: كلهم مثليّو (ومثليّات) الجنس، ومسلمون متمسّكون بدينهم وإيمانهم. إنّهم «أبطال» فيلم «جهاد في سبيل الحبّ» (٢٠٠٧) الذي سيعرض في بيروت، بمبادرة من «مؤسسة هينريش بُل»، مساءَي الأوّل والثاني من أيلول (سبتمبر). في شريطه الأوّل، يدخل بارفيز شارما (الصورة) منطقة حسّاسة وإشكاليّة. ليس فقط لأنّه يطرق موضوعاً محظوراً ومثيراً للجدل، بل لكون هذا المخرج والكاتب الهندي النيويوركي الذي اشتغل على تحقيق فيلمه الوثائقي ست سنوات ـــــ عبر تسع دول واثنتي عشرة لغة ـــــ وضع نفسه أمام تحدّ خطير: كيف يتطرّق إلى الإسلام وممنوعاته، من دون الوقوع في الفخ الايكزوتيكي الذي يتربّص اليوم بهذا النوع من المقاربات، تحت تأثير خطاب إيديولوجي يصل إلى حدّ الإرهاب الفكري والعنصريّة؟ ولا شكّ في أن السينمائي «المثلي المسلم» الذي سيناقش فيلمه مع الجمهور في بيروت، رفع التحدّي بمهارة تُشهد له.

الاجتهاد مدخلاً إلى احتواء «المثليّة» في العالم الإسلامي؟


أقوى ما في «جهاد في سبيل الحبّ» كونه ينظر إلى المسائل من داخل الإسلام باحترام شديد، ووعي للمصاعب والمفارقات والتناقضات مع المرجع الديني والتقاليد. كل ما يفعله هو تسليط الضوء على الواقع، تاركاً لشخصياته بين مصر وأفريقيا الجنوبية والهند وإيران وتركيا وباكستان وفرنسا والمغرب (من خلال الكاتب عبد الله طيّاع) أن تحكي قصصها، مكشوفة حيناً، ومموّهة أحياناً، وأن تنقل بصدق وعفويّة تجاربها وجراحها... شكوكها وتمزقاتها... تساؤلاتها وتطلعاتها.
لم يختر شارما تناول المثليّة في العالم الإسلامي بالمطلق، بل أعطى الكلمة لمثليين ومثليات يجاهرون بإسلامهم، ما يجعلهم يتخبّطون في حالة دائمة من القلق والندم والإحساس بالذنب. يسعى هؤلاء إلى عيش خياراتهم الإنسانيّة والوجوديّة بالتناغم مع دينهم. يبحثون عن مصالحة ممكنة مع ثقافتهم وانتمائهم الروحي. ينزعون إلى التوفيق، إلى تأويل النصّ كما يفعل محسن هندريكس، ذلك الإمام المدهش في أفريقيا الجنوبيّة الذي يمثّل العمود الفقري للفيلم. يراهن الأخير، بقوّة، على الاجتهاد الذي من شأنه أن يرسّخ الدين في قلب زمنه، إذ كيف يمكن أيّ مجتمع أن يسترسل في سياسة التجاهل والاستخفاف والقمع، إزاء كتلة بشريّة تضمّ جزءاً أساسيّاً من بناته وأبنائه.


٦:٣٠ مساء 1 أيلول (سبتمبر) ـــــ «آرت لاونج» (الكرنتينا): 03/997676
٥:٣٠ مساء ٢ أيلول ـــــ «زيكو هاوس» (سبيرز) : 01/746769