احتفالاً بولادة مجلة «بيت» العراقية، موعدنا الليلة في «مسرح بابل» مع أصوات شعريّة مميّزة آتية من بلد السيّاب. هديّة من «بيت الشعر» في بغداد... المدينة التي تعاند الظلام
بغداد ـــ حسام السراي
الفكرة التي انطلقت من أحد مقاهي «شارع أبو نؤاس» في بغداد أواخر عام 2008، وهدفت إلى تأسيس بيت للشعر العراقيّ، لم يكتب لها أن تبصر النور إلا بعد مؤتمر نيسان (أبريل) 2009. يومها، انتخب جمع من الشعراء والنقاد هيئةً إداريّةً سرعان ما اختارت الشاعر أحمد عبد الحسين رئيساً للبيت، وسهيل نجم نائباً له، وكاتب السطور أميناً عاماً، إضافة إلى الشعراء: محمد ثامر يوسف، ومحمد غازي الأخرس، وماجد موجد، وعبد الخالق كيطان بوصفهم أعضاءً في أوّل هيئة إداريّة للبيت. وربّما كان واضحاً أن أصبوحات البيت أرادت تطبيق ما كتب من نظام داخليّ وأهداف ومشروعات مستقبلية، كالعناية بالنتاج الشعريّ العراقيّ الجديد. وتجسّد ذلك في ترجمة النصوص الشعريّة العراقيّة وتوثيقها، وإصدار المطبوعات والدوريات الخاصّة بالشعر الحديث، وتشجيع التواصل مع التجارب المماثلة عربيّاً وعالميّاً.
انطلق البيت بفعالياته في بغداد على شاطئ دجلة، وقرب تمثال المتنبي، وتوالت أصبوحاته التي تناولت أجيال الشعر العراقيّ، و«بغداد والشعراء والصور» إلى الأصبوحات التي أضاءت على تجارب الشعر العراقيّ الجديد. «انطلقنا وسنستمرّ في المكان نفسه الذي نقيم فيه فعاليتنا، أقصد شاطئ دجلة في نهاية شارع المتنبي وقرب تمثاله. إنّنا نبحث عن الفضاء المفتوح، ونريد أن نغادر القاعات المغلقة ومنصاتها»، هكذا يقول نائب رئيس بيت الشعر سهيل نجم.
ومثلما عدّ مثقفون عراقيون «تأسيس بيت الشعر» وانطلاقه من على شاطئ دجلة من الأحداث الثقافيّة المهمّة في 2009، فإنّهم يرون إصداره مجلة «بيت» الثقافيّة الفصليّة، من علامات نجاح هذه المؤسسة الثقافية العراقيّة في عامها الثاني.
دام الإعداد للمجلّة شهوراً، وفقاً لما أعلنته هيئة التحرير في احتفالها الأخير في بغداد، إذ اتفقت الهيئة أواخر 2009 على إصدار مجلة شاملة لكلّ الأجيال خاصّة بالشعر العراقيّ في شكله الأحدث. وهي لا تعتمد النصّ فقط، بل الدراسات والبحوث والحفريات في تأريخ الشعر.
العدد الأوّل الذي تحتفل بيروت بصدوره الليلة في «مسرح بابل»، جاء حافلاً بالموضوعات، بدءاً من افتتاحية المجلة التي كتبها أدونيس (تقليد ستكرّسه «بيت» إذ يحتفي كلّ عدد بضيف عربيّ عبر إعطائه موقع الصدارة)، مروراً بنصوص صلاح نيازي، وصادق الصائغ، وحميد قاسم، وسهام جبار، وكريم عبد، وفارس حرّام، ودنى غالي وعلي النجدي، وصولاً إلى الحوار مع هاشم شفيق،

«القربان والقيثارة» لشوقي عبد الأمير أوّل إصدارات «بيت الشعر»
ودراسة «القربان والقيثارة» لشوقي عبد الأمير التي ستكون أوّل كتاب يصدره «بيت الشعر» في نهاية العام الحالي.
هذا المشروع قد يبدو لكثيرين خارج العراق مغامرة مجنونة وضرباً من العبث في الأتون الذي تعيشه البلاد... لكنّها مغامرة الشعر بامتياز: أن يشرّع الآفاق. «نشتغل أحياناً ونشعر كأنّنا في حقل ألغام. كثيراً ما غيّرنا مواعيد فعالياتنا وتوقفنا لأشهر بسبب الإرباكات الأمنيّة»، يقول رئيس البيت أحمد عبد الحسين.
أحد المعوقات الأخرى التي واجهت أعضاء الهيئة الإداريّة أنّه لا يتوافر مقر رسمي في بغداد، سوى غرفة بسيطة في شارع المتنبي، بينما تعقد اللقاءات في مقهى «الشابندر» من الشارع نفسه، أو في قاعة «مدارات للفنون» في بغداد. يقول سهيل نجم: «ننتظر تحرّكاً حقيقياً من قبل وزارة الثقافة، ومنحنا أحد البيوت التراثية في شارع الرشيد أو المتنبي». ويأمل نجم ألّا يبقى بيت الشعر بلا بيت، لأنّ «قدراته محدودة تعتمد على المنح التي تصله من الأصدقاء ومنظمات ثقافية ومدنية، ولا يمكنه أن يتحمّل تكاليف افتتاحه مقرّاً يليق باسم الشعر العراقي».


21:30 الليلة: أمسية شعريّة يشارك فيها أحمد عبد الحسين، وسهيل نجم، ومحمد ثامر يوسف وحسام السراي، بمبادرة من «مركز دراسات عراقية» ـــــ «مسرح بابل» (بيروت)، للاستعلام: 01/744033