ارتجال ما بعد حداثي بالأنغام والألوان عرض سمعي ـ بصري متفرّد يجمع، في فضاء مشترك، الموسيقي اللبناني والتشكيلي السوري. «اسكتشات في بيروت» عنوان أمسية مشرّعة على المفاجآت. غداً في «مسرح مونو»رامي خليفة وكيفورك مراد يلتقيان في أمسية ارتجالية ما بعد حداثية. يقدّم عازف البيانو والمؤلّف الموسيقي اللبناني والفنان التشكيلي السوري مساء غد عرض «اسكتشات في بيروت» على خشبة «مسرح مونو». ألوان مراد وتقنيّاته الحديثة سيقابلها أسلوب خليفة الموسيقي المعاصر. الفوضى النغمية والإيقاعية ستنعكس بدورها على لوحة مراد. حتّى لو كفّ رامي عن العزف في الأمسية، فستبقى لوحة مراد نابضة بالإيقاع اللوني. حتّى لو توقّف كيفورك عن الرسم، فستتّسم مقطوعات رامي ببعد مشهديّ وظيفي. ثمّة علاقة ضمنية بين الفنّانين أو الفنّين، قبل أن يتخاطبا في فضاء واحد. فكيف إذا تداخلا وتقاطعا في عرض سمعي بصري متفرّد؟
كيفورك مراد (1970) من أبرز الرسّامين العرب الذين سعوا إلى دمج اللغة التشكيلية البصرية بالموسيقى. في تجربة مماثلة، قدّم عروضاً في لبنان وسوريا مع عازف الكلارينت السوري، كنان العظمة، خلال العامين الماضيين. يستوحي حركة خطوطه وألوانه من تدرّجات الجملة الموسيقية وإيقاعاتها، ما يفعّل التعبير التشكيلي العصري ويبعده عن المباشرة. لخطوطه «بداية ونهاية، كأنّها صوت»، على حدّ تعبيره. في لوحاته علاقة جدلية «بين الإيقاعات الاختزالية والعناصر الإنسانية المتداخلة بكثافة، والمتّجهة نحو الاختصار والتجريد»، بحسب الناقد أديب مخزوم. قدّم عروضاً منوّعة مع فرق أوركسترالية وموسيقيين عالميين (دينوك وجراتنه Dinuk Wijderatne وبروكلين رايدر مثلاً). تشي لوحات كيفورك بـ«الخيال المتراكم من خلال الذاكرة والجغرافيا والسفر، وكلّ ذلك يلتحف بالموسيقى، ما يجعلكَ تذهب وتسافر معه بعيداً»، بحسب الفنّان التشكيلي غياث الأخرس. بدأ يكتشف فنّ الرسم في السادسة... وقبل أن يسافر إلى أرمينيا، حيث أنهى دراسته (1996)، أقام معرضه الفردي الأوّل في سوريا. شغَلته المقارنة بين نظريّات الفنّ في سوريا وأرمينيا والولايات المتّحدة، فرأى أنّ نيويورك تمثّل نقطة التلاقي بينها.
موسيقى جديدة لم يألفها الجمهوران اللبناني والعربي
أمّا رامي خليفة (1981)، فينتمي إلى المدرسة التجريبية المعاصرة. اهتمامه بالمذاهب والأنماط الموسيقية يشمل الارتجال والجاز والموسيقى الكلاسيكية والتعبيرية والإلكترونية والشرقية. العازف الذي ولد في بيروت سافر خلال الحرب الأهلية إلى فرنسا، حيث تخصّص في العزف على البيانو. وبعدما حاز الجائزة الأولى من «كونسرفاتوار بولون بيانكور»، تابع دروسه في «أكاديمية جوليارد» في نيويورك. صاحب Scene from Hellek عام 2005 يؤكّد أنّ موسيقاه تتلفّف بهوية كونية. لعلّه يتّجه نحو الموسيقى الاختبارية الأجرأ في عصر العولمة. تجربته مع والده مرسيل خليفة في فرقة «الميادين»، كشفت اختلافاً في الأسلوب بين الأب وابنه. يخفق رامي في مرافقة مرسيل أحياناً، وخصوصاً عندما يرتجل، لكنّه يلمع في معظم ما يقدّمه على حدة. صاحب «فوضى» (2009) المسكون بهاجس التجريب، يحتاج إلى مساحة خاصة للتعبير عن فيض إمكانيّاته وأفكاره المغامِرة. أدّى الكونشرتو الخامس لبروكوفييف، والكونشرتو الأوّل لعبد اللّه المصري في Piano concertos عام 2007. وقد أنجز تأليف الكونشرتو الأوّل (للبيانو والأوركسترا) منذ بضعة أيّام. يعدّ من العازفين الكلاسيكيّين البارزين في لبنان والعالم العربي، وقد عزف مع «الأوركسترا السمفونية الروسية» و«الأوركسترا الفلهارمونية الملكية ـــــ ليفربول». أداؤه الكلاسيكي المتقن والمؤسلب، يتفوّق على تأديته الجاز. لم يكتفِ خليفة بالعزف على لوحة مفاتيح آلته، بل استثمر طاقاتها، مستخدماً جسمها الخشبي وأوتارها المعدنية الداخلية في ارتجالاته. خروجه من عباءة مرسيل خليفة هو أهمّ ما حقّقه في التأليف، وإن لم يُصِب في كلّ خياراته. وهذا ما أمدّه بهوية وحضور مستقلّين، وساعده على تقديم موسيقى جديدة لم يعتَد الجمهور العربي سماعها. أمسية خليفة ومراد ستحاكي الواقع والحلم، وستكون ملأى بالمفاجآت!
هالة...

8:30 من مساء الغد ـــــ «مسرح مونو» (بيروت). للاستعلام: 01/202422
www.ramikhalife.com
www.kevorkmourad.com