ليال حدادمن هو العدو؟ ماذا يعني الاستقلال؟ من هي أبرز شخصية مرّت في تاريخ لبنان؟ أسئلة حملها هادي زكاك، وطرحها على تلاميذ صف الشهادة المتوسّطة، في خمس مدارس لبنانية. والنتيجة فيلم مهمّ على أكثر من صعيد، عنوانه «درس في التاريخ» حاز قبل أيّام «جائزة الصقر الذهبي» عن فئة الفيلم الوثائقي في «مهرجان الفيلم العربي» في روتردام.
حاول المخرج اللبناني الإحاطة بالوعي السياسي للمراهقين. تابع معهم حصص التاريخ، ثمّ طرح أسئلته على مجموعة منهم. فإذا بالإجابات تختلف تبعاً للهوية الطائفية والمناطقية للمدرسة. أتت الإجابات صادقة، أي على تناقض تام مع التاريخ الرسمي، والكليشيهات المستهلكة في مديح العيش المشترك.
«رجال الاستقلال هم زعمائي التاريخيون المفضّلون» يقول أحد التلاميذ، لكن إجابته «التوفيقية» لم تنسحب على زملائه. اختارت نور «الإمام الخميني... كقائد للثورة»، وما لبثت أن أضافت «جمال عبد الناصر، وتشي غيفارا». أما جاد، فاختار «السيد حسن (نصر الله)». وبلكنة عربية ركيكة، قالت ماريا: «بشير الجميّل». ولعلّ المفاجأة كانت جواب شربل الذي رأى في نابوليون و... هتلر زعيمَيه المفضلَين. صاحب «لاجئون مدى الحياة» (2006)، يضع هنا إصبعه على الجرح التأسيسي للوعي اللبناني المهزوز، مضيئاً على أسباب غياب كتاب تاريخ موحّد في لبنان.
في إحدى المدارس، تقف أستاذة التاريخ (باللغة الفرنسية) وتسأل تلاميذها: «ماذا قدّم الفينيقيون للعالم؟»، ثم سرعان ما تجيب بنفسها «الشرق كان متقدماً على الغرب». وحين يسألها أحدهم عن سبب تراجع العرب، تجيب: «إنّه الاحتلال العثماني الذي منع التطور الثقافي والعلمي». ماذا عن الاستعمارين الفرنسي والإنكليزي؟ لا شيء! أما الاحتلال الإسرائيلي فلم تنتبه لوجوده. في مدرسة أخرى، يجري التركيز على احتلال الجنوب من دون تناول الوجود السوري في لبنان، أو الحرب الأهلية. هذه الأخيرة أيضاً نقطة خلاف بين التلاميذ، فالأغلبية ترى أنّه يجب تدريسها، فيما قسم صغير لا يجد فائدة منها.
في نهاية الشريط يطلب المخرج من كل تلميذ أن يؤدّي النشيد الوطني اللبناني، فنكتشف أن معظمهم لا يعرف حتّى المقطع الأوّل منه! مثل كل أفلام زكاك، يكتسي الفيلم بعداً تربويّاً وتثقيفيّاً، ويدفع المشاهد إلى طرح الأسئلة، واستخلاص العبر...