ستار أكاديمي» بدورته السابعة، عاد متّشحاً بالسواد. يوم الجمعة الماضي، رقصَ ابن الـ23 ربيعاً في نعش أبيض محمولاً على الأكتاف بين زملائه المفجوعين برحيل صديقهم
ريتا بولس شهوان
حين يحلم شباب عاديّون بالنجوميّة، يشاركهم أهلهم الحلم. يبدأ الحلم بطالب يدخل أبواب الأكاديمية، لأنّه قد يملك صوتاً جميلاً. يتفق الجميع موقتاً على الهدف المشترك: «النجومية». حتى لو خرج أحد الشباب من البرنامج لعدم حصوله على تصويت الجمهور، يبكي زملاؤه ورئيسة الأكاديمية رولا سعد. لكن ما لم يتوقّعه أحد هو خروج أحد الطلاب من «أكاديمية» الحياة.
48 ساعة لم تكن كافية لاستيعاب فاجعة موت رامي الشمالي. اعتقد الجميع أنّها نكتة سمجة حين سمع بنبأ وفاة رامي في حادث سير مروّع في مصر يوم الخميس الماضي، حين كان برفقة زميله محمود شكري الذي أصيب أيضاً بجروح بالغة. غير أنّها لم تكن نكتةً سمجةً لسوء الحظ.
رامي الشمالي (23 عاماً) خرج يوم الجمعة الفائت من «وهم» الحياة. في «كنيسة مار عبدا» (سهيلة، كسروان)، اختلط الوهم بالواقع. من جهة، أم ثكلى تبكي وتصرخ «يا رامي قوم غني»، فيما طلاب «ستار أكاديمي» يتقبّلون التعازي كأنّهم ابنها رامي. ومن جهة أخرى، طلاب ينظرون إلى النعش، بنظرات شاردة، متأملة، فيما رولا سعد صامتة، تبكي على رامي الذي حلم كأغلب شباب لبنان، بأنّ النجوميّة قد تكون حلاً للفقر، أو بديلاً من الهجرة، وخلاصاً لوالدته كوليت الشمالي من مهنة بيع الثياب التي اتخذتها وسيلة لتأمين لقمة عيش ثلاثة أولاد، بعد موت زوجها. رامي اعتقد أنّ هذا البرنامج طريقه للخروج من الفقر، مثلما اعتقد زميله جوزيف عطية الذي أكّد لـ«الأخبار» أنّ تجربة «ستار أكاديمي» أخرجته من واقع اقتصادي مرير يشترك به معظم شباب لبنان.
امتزجت أصوات النوبة بشعر موسى زغيب، والأم تصرخ «يا ماما قوم رتّل»
بين عالم الكاميرات، حاول رامي ــــ وفق بعض أصدقاء الطفولة ــــ المحافظة على تواضع اشتهر به على مقاعد مدرسة «السان سوفور» في سهيلة، وبين زملائه في كورس «سانت تيريز» الذين نظّموا له حملات «تصويت» طيلة فترة إقامته في الأكاديمية. هؤلاء أنفسهم زيّنوا مداخل سهيلة، بصور رامي وبعبارة «لن ننساك». ويوم الجمعة، امتزجت أصوات «النوبة» بشعر موسى زغيب في رثاء ابن الضيعة، فيما الأم ترقص «رقصة عرس» على وقع تراتيل بصوت ابنها، وتصرخ: «يا ماما قوم رتّل. مش انت كنت تحب ترتّل؟».
حبّ رامي للغناء كان واضحاً منذ صغره، شارك في كل الأنشطة الفنية وتوّج نجماً، أقلّه في «كنيسة مار عبدا» في الضيعة الكسروانية التي قدّمت له منبرها، وانتقل من مار عبدا إلى مسرح «ستار أكاديمي» في منطقة أدما، لكنّه عاد الجمعة إلى مقابر البلدة.
لدى تدوال خبر موته، اعتقد أهله وأصدقاؤه أنّ الأمر مجرد شائعة من النوع «السمج» الذي تتداوله المواقع الإلكترونية عادةً، وخصوصاً أنّ الخبر الأولي ــــ كما أوردته بعض الصحف المصرية ــــ أفاد بأنّ رامي كان يقود السيارة بسرعة جنونية، فيما المقرّبون من الراحل يعرفون أنّه حصل على رخصة القيادة منذ أسبوع فقط. باميلا قاعي، صديقة الطفولة، كان جرحها مضاعفاً. خبر موت صديقها صعقها، والمعلومات الواردة على المواقع الإلكترونية «ما بتركب بعقل». تبكي ثم سرعان ما تسأل: «أتعلمين لماذا لم يكن رامي هو الذي يقود؟ لأنّه منذ أسبوع فقط، تدبّر المال للحصول على رخصة قيادة»!