بشير صفيرخلال العام الماضي، تقاطر الجمهور إلى مدينة الشمس للاستماع إلى عازف البيانو الفرنسي دافيد فراي. كثيرون أعجبوا بأداء الموسيقي الشاب لباقة من أعمال شوبرت وباخ. رأى بعضهم فيه خليفة الأسطورة الكندي غلان غولد، وبعضهم عدّ سلوكه تقليداً منفّراً لغولد. قلة كانت تعرفه من قبل. غير أن الجميع سيتذكره حين يرتقي إلى مرتبة الكبار.
هذه السنة، الوضع مختلف تماماً. الأمسية الوحيدة في «مهرجانات بعلبك»، تحمل توقيع اسم مكرس منذ عقود. إنه البولوني كريستوف بنديرتسكي (1933) الذي سيقود «أوركسترا كراكوف السيمفونية» في أمسية عُدّت تحية لفريدريك شوبان (1810 ـــــ 1849) في الذكرى المئوية الثانية لولادته. وهي كذلك، لكن في جزءٍ منها فقط، إذ يتضمن البرنامج عملاً واحداً للمؤلف الكبير، هو الكونشرتو الأول للبيانو والأوركسترا.
بداية نذكّر بأنّ البرمجة الكلاسيكية في «بعلبك» تخطّت جميع المهرجانات الأخرى، وذلك بسبب غياب المنافسة. في «بيلوس»، عملٌ أوبراليّ كبير، لمؤلف عظيم. لكن هذا ليس معياراً لقيمة الموسيقى الكلاسيكية في عصرنا. المعيار هو الأداء. والأداء في «بيبلوس» لا يمكن التهكن به، لكن غياب الرموز الكبيرة يجعله غير مكفولٍ لناحية الجودة، مع احترامنا لكل المشاركين الذين نتمنى أن يحدثوا مفاجآت سارّة. أما في «بيت الدين»، فالأسماء مغمورة (الفرقة وعازف البيانو المشرف عليها)، والبرنامج الذي يحيّي شوبان
هذا المؤلف المعاصر هو أفضل من يقود أعماله
من جهة ثانية، صحيحٌ أن «بعلبك» في الصدارة الكلاسيكية. غير أن الاسم الكبير لا يأتي لتقديم نتاجه في الحرفة التي صنعت مجده، ونعني التأليف الموسيقي. فقيادة الأوركسترا، هي مهنة بنديرتسكي الثانية. لكن ثمة استثناء مزدوج، نتجت منه إيجابية مزدوجة. من ناحية، يتخلل البرنامج عملٌ واحدٌ لبنديرتسكي (كونشرتو الفيولا، بنسخة للتشيلو والأوركسترا)، وهذه مسألة جيدة. يضاف إليها، أنّ ما مِن أحد يتخطّى المؤلف البولوني المعاصر في قيادة أعماله. أي في هذه الحال فقط، يوازي مستواه كمؤلف، مستواه كمؤدّ. سيقود بنديرتسكي الأوركسترا بمرافقة مواطنَيْه، رافال كفياتكوفسكي (في كونشرتو التشيلو) وكريستوف يابلونسكي (في كونشرتو البيانو الأول لشوبان). لكنه في البداية سينفرد في أداء إحدى أشهر افتتاحيات بيتهوفن: Egmont.
8:30 مساء اليوم ـــــ «مهرجانات بعلبك» ـــــ للحجز: 01/999666