لا شك في أنّها لحظة مفصلية تاريخية دشّنتها صورة الطفل السوري ايلان كردي (3 سبتمبر) الذي قضى على شاطئ «بودروم» التركي. صورة غيّرت العالم وكان لها الوقع الأقوى على النفوس لأنها اختزلت مأساة اللجوء السوري، وأيقظت العالم المتخاذل من سباته الطويل. صورة أثير حولها جدل طويل وحيكت حولها قصص عديدة في محاولة لتجريدها من أهميتها وسطوة تأثيرها.
لعل الرواية الأشهر في هذا المجال القول بأنّ الصورة تمت صناعتها في قالب مناسب ومثير للتعاطف إعلامياً، وتم الادعاء بأنّ الطفل الصغير كان ملقى بين الصخور وتم جلبه الى نقطة التقاط صورته الشهيرة وفبركة وضعية جسده لتضحي الصورة ذات بعد دراماتيكي بغية إثارة مشاعر الرأي العام
العالمي.
هذه القصة دحضتها أول من أمس إذاعة «فرنس أنفو» على موقعها الإلكتروني. الصحافي أنطوان كرمبف كتب مقالاً في هذا الخصوص، قارن فيه بين صورتين تم تداولهما في الإعلام أخيراً إحداها تعود للطفل ايلان، والأخرى لصبي ملقى بين الصخور. المقارنة تخلص الى أن صورة الصبي الذي قذفته الأمواج الى مكان صخري، تعود الى غالب شقيق ايلان الذي يكبره عمراً.

استطلاع يظهر التحول الذي طرأ على الرأي العام الفرنسي بخصوص اللاجئين السوريين

نيلوفير دمير المصورة التركية التي التقطت الصورة الشهيرة للطفل السوري، شرحت في حديث مع شبكة «سي.أن.أن» (تركيا) أنّها «وجدت شقيق ايلان ملقى على الشاطئ على بعد مسافة قريبة من جثة أخيه، وكانت بالوضعية الجسدية نفسها وكان يلبس ألوان الثياب عينها».
الكلام عن «توّرط» الإعلام في صناعة صورة وفبركتها في مطبخ خاص بغية إثارة الرأي العام، دُحض في ما بعد. لم تكن بحاجته هذه الصورة ولحظتها التاريخية الحرجة، فقد حققت هدفها (حتى لو لم تكن تسعى اليه) من دون الحاجة الى هذا الشحن الإعلامي والاستنفار الذي حصل الأسبوع الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد أسبوع واحد على نشر صورة ايلان، تغيّر الرأي العام الفرنسي بشكل كبير. دراستان أجريتا أخيراً إحداهما في الاول والثاني من الشهر الحالي، والأخرى يوم الأربعاء الماضي بينتا رجاحة كفة ميزان استطلاع الرأي الذي قامت به شركة «Elabe» ونشرته قناة BFMTV الى قبول نحو 55% من المستطلعين استقبال اللاجئين السوريين في أراضيهم بعدما كانت نسبتهم في الاستطلاع الأول بنحو 44%.
من ضمن هؤلاء المرحّبين بالسوريين جزء من مؤيدي الحزب اليساري في فرنسا، فيما يظهر الاستطلاع أن 60% من «الجمهوريين» يعارضون هذه الفكرة.
النسبة التي ارتفعت في غضون أسبوع في صفوف الرأي العام الفرنسي، يعزوه مركز الاستطلاع المذكور الى صورة ايلان التي أثارت عاطفة كبيرة لدى المستطلعين.
لكن وفق المركز نفسه هناك عوامل عدة لعبت دوراً في هذا الارتفاع أبرزها صور المهاجرين السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا وأثّرت أيضاً في هذا الاستطلاع تضاف اليها مشاركة شخصيات شهيرة عدة في الحث على التضامن الإنساني معهم، و»جهود الحكومة الفرنسية أيضاً في هذا
المجال».