أول ما يُلاحظ في «مهرجان جبلة الثقافي» الذي تنظمه «جمعية العاديات» بالتعاون مع وزارة الثقافة، هو المزج بين التنوّع والنوعية في برنامج نشاطاته. بإمكانيات متواضعة، لكن مصحوبة بطموحاتٍ كبيرة، يقدم المهرجان فرصة نادرة لتذوّق ثقافة مهرجانية مختلفة. هكذا، واصل المهرجان في دورته السادسة، التي اختتمت قبل يومين، استقطابه لأسماء وتجارب محلية وعربية وأجنبية ذات نكهات غير تقليدية. على مدى خمسة أيام، احتضنت المدينة السورية الصغيرة معرضاً للكتب، وآخر للرسم والنحت شارك فيه عشرة فنانين سوريين، وندوتين عن الرواية: الأولى بعنوان «المكان والبنية الروائية»، شارك فيها حيدر حيدر وخيري الذهبي من سوريا، فيما غاب السعودي عبده خال، وانعقدت الثانية تحت عنوان «الذاكرة الشخصية في الرواية العربية الجديدة»، وشاركت فيها روزا ياسين حسن ولينا هويان الحسن من سوريا، فيما غابت اللبنانية علوية صبح. وعُرض فيلم «تحت السقف» للمخرج السوري نضال الدبس الذي شارك في ندوة «الذاكرة والمكان في السينما السورية».
كذلك تضمن المهرجان أمسيتين للشعر شارك فيهما شعراء من سوريا ومصر والأردن والعراق والمكسيك، ومحاضرة عن «تحديات الحداثة العربية» للمفكر اللبناني جورج قرم (الصورة)، ولقاءً حوارياً مع المفكر الفلسطيني عزمي بشارة، إضافةً إلى حفلات وأمسيات غنائية لخالد الهبر (لبنان) وميادة بسيليس، وإبراهيم كيفو وفرقة «كلنا سوا» (سوريا). وكان مفترضاً أن تُعرض مسرحية «الشريط الأخير» لأسامة غنم، لكنها استبدلت لأسباب تقنية بمسرحية محلية للمخرج لؤي شانا.
راهن المهرجان على الجمع بين فعاليات شعبية وأخرى تجريبية، ونجح في تقريب النوعين من جمهور الأطراف المحروم من أحداث ثقافية وفنية كهذه. مهرجان جبلة يستحق الثناء بوصفه حراكاً أهلياً يسعى إلى مراكمة ثقافة مختلفة في المدينة الهادئة التي تطلّ على المتوسط، لكنها، في الوقت نفسه، بعيدة عن النشاط الثقافي التقليدي الذي تستأثر به العواصم عادةً.
لقد وضع المهرجان سقفاً مفتوحاً لطموحاته عبر استضافة أسماء مرموقة مثل: أدونيس، وسعدي يوسف، وعباس بيضون، وقاسم حداد، وخيري بشارة، ومحمد ملص، ونصير شمة، وشربل روحانا ...، وما عليه سوى أن يواصل رهانه الصعب.
حسين...