عادت إلى بلد المليون شهيد مع هدية قيّمة! غنّت «الشعبي»، وأعلنت عن مشروع جديد ينهل من هذا التراث الموسيقي الغني.... وأخيراً، تمّت «الصلحة» بين الفنانة اللبنانية وجمهورها المغاربي
الجزائر ــ الياس مهدي
كسرت ماجدة الرومي «الحصار» عن اللهجة الجزائرية، حين قررت خوض «تحدي» أداء إحدى أصعب وأشهر أغاني التراث المعروف بـ«الشعبي» للراحل الهاشمي قروابي... تماماً كما فعلت حين حطّت أخيراً في مطار الجزائر لتفكّ «عزلة ثقافيةً وفنية»، وتمسح دموع شعب أنهكه الإرهاب.
علاقة «حبّ وزعل» تربط الرومي بجمهورها في الجزائر. في كل مرة تغني في بلد المليون شهيد، تأسر قلوب محبّيها وعشاقها. لكنّ صاحبة «عم يسألوني عليك الناس»، أثارت أيضاً «غضب» الجزائريين، إذ عاتبوها قبل سنوات على تصريحات وصفوها بـ«المسيئة والجارحة» تارةً، واتّهموها بـ«التنكّر لهم»، حين لم تذكر بلدهم ولو بكلمة واحدة في أحد لقاءاتها الإعلامية النادرة جداً.
قبل أيام، عادت الفنانة اللبنانية إلى الجزائر كمن يبحث عن «صلح»، وأهدت جمهورها، «عربونَ صلح»، أغنيةً من التراث الموسيقي المحلي المسمّى «الشعبي». هكذا، أحيت الرومي حفلتين في العاصمة الجزائر ومدينة باتنة (شرق الجزائر)، وتصدّرت عناوين الصحف، لا بسبب نجاح حفلتيها، بل بسبب مفاجأة لم يتوقّعها أحد، إذ إنّ الجمهور الذي توافد بكثرة لحضور الحفلات، أصيب بـ«الحيرة» و«الذهول» حين تناهت إلى مسامعه «الدندنات» الأولى لأغنية تحفظها أجيال متعاقبة من الجزائريين. لم يصدق حدسه، قبل أن تردّد الرومي أولى كلمات أغنية «ألو ألو» التي تتغنّى بجمال الجزائر وتاريخها. هذه الأغنية هي للهاشمي قروابي الذي يُعد أحد أبرز أعمدة «الشعبي» في الجزائر. وقبله، شهد بلد المليون شهيد عمالقة في «الشعبي»، على غرار دحمان الحراشي التي استعاد له كثيرون أغنية «يالرايح وين مسافر تروح تعيا وتولي»، إلى جانب الحاج أمحمد العنقي، ودحمان بن عاشور، والحاج غفور، وفضيلة الجزائرية، وبلاوي الهواري، وأحمد وهبي، وعيسى الجرموني، وخليفي أحمد، والحاج محمد الطاهر الفرقاني في تراث «المالوف» الجزائري وغيرهم.
الصحف الجزائرية أثنت كثيراً على الرومي، وامتدحت جرأتها في غناء أحد أعرق الأجناس الموسيقية الجزائرية. وقالت إنّ ماجدة ظلّت تردّد الأغنية وهي على متن الطائرة التي أقلّتها إلى مدينة باتنة، فأحدثت تفاعلاً كبيراً، وأضفت أجواءً رائعة طيلة الرحلة.
غنّت «ألو ألو» للراحل الهاشمي قروابي، فتصدّرت حفلاتها عناوين الصحف
وبهذا، تكون ماجدة جمعت بين «الحُسنَيين» في أعين جمهورها الجزائري: بالأمس كانت أوّل فنانة عربيّة تستجيب لنداء «التضامن الانساني» الذي أطلقه عشّاقها وجمهوها الجزائري خلال سنوات الدم والدموع، فغنّت للحب والسلام في أمسية أقامتها في الجزائر رغم نداءات «التحذير» من الإرهاب. واليوم، سيذكر الجزائريون أنّها كانت أول فنانة عربية تكسر «طوق الحصار» المفروض على التراث الموسيقي الجزائري بحجّة صعوبة اللهجة. بينما يجهل كثيرون أنّ عزت العلايلي كان أوّل فنان من «المشرق العربي» يمثّل دوراً رئيسياً في فيلم «طاحونة السيد فابر» (1973) لأحمد راشدي، وهو شريط جزائري باللهجة المحلية تناول الثورة الجزائرية.
صحيح أنّ فنانين عرباً حاولوا الغناء باللهجة الجزائرية، إلا أن ذلك لم يتعدّ بضع كلمات يردّدها الفنان من باب «المجاملة» للجمهور، فيما رفعت ماجدة سقف التحدي عالياً، وأدّت أغنيةً تُعدّ من أعتق وأشهر أعمال التراث الشعبي الجزائري. وقبل زيارتها الأخيرة، كانت ماجدة قد تعرّضت لحملة قاسية، إذ انتقدتها الصحافة الجزائرية بشدة على خلفيّة تصريحات أدلت بها في برامج عدّة بينها «العرّاب» عام 2008. يومها، تحدثت صاحبة «اعتزلت الغرام» عن أجمل ذكرياتها في الدول التي غنّت فيها، ولم تذكر الجزائر التي غنّت فيها مراراً. بل إنّ الرئيس بوتفليقة كرّمها شخصياً بأعلى وسام.
وبلغ «غضب» الجزائريين ذروته، حين صرّحت بأنّه خلال زيارتها للبلد في التسعينيات، تملّكها الخوف رغم أنّها حين غادرت، كانت الدموع تملأ عينيها. يومها، توجّهت إلى الجمهور الجزائري في الحفلة التي احتضنها قصر المعارض، قائلةً: «نحنا اللبنانيين مثلكم عرفنا الحرب، بس ما كنا إنسانيين.. انتو كونوا إنسانيين أكثر منا».
إذاً، بعد سنوات من الغياب، ها هي الرومي تعود إلى الجزائر كمن يبحث عن «الصلح». وخلال حفلاتها الثلاث التي أقامتها هناك أخيراً، أثنت كثيراً على التراث الشعبي الجزائري المتنوع، قائلة: «نحتاج فعلاً إلى الموسيقى الجزائرية من أجل تطوير الموسيقى العربية». وردت على الرافضين الغناء باللهجة الجزائرية، بداعي صعوبتها، قائلة: «اللهجة الجزائرية صعبة، لكنّني أعددتُ بعضاً منها، وسأفاجئ جمهوري والجزائر بأغانٍ جزائرية».
وذهبت أبعد من ذلك، حين أعلنت عن مشروع مع موزّع جزائري للبحث في هذا التراث الأصيل والغني، قائلة: «لقد اكتشفت أخيراً أنّ الأغنية الجزائرية تتضمّن ثروةً نادرة، وقد بهرني هذا الاكتشاف».


أرشّح سلاف فواخرجي

رشّحت ماجدة الرومي الممثلة السورية سلاف فواخرجي لدور البطولة في حال تقديم مسلسل يتناول سيرتها الذاتية وفق ما نقلت عنها مجلة «سيدتي» أخيراً. وكشفت الرومي أنها كتبت أغنية «اعتزلت الغرام» (ألحان ملحم بركات) حين قال لها زوج أختها إنّه «اعتزل الغرام» بعد وفاة شقيقتها. وأملت الرومي أن تلقى أغنيتها الجديدة «وعدتك» التي تنازل عنها كاظم الساهر لها، النجاح نفسه الذي حظيت به «اعتزلت الغرام». وأشارت إلى أنها ستعود لاستكمال دراستها الجامعية، إذ ستدرس الأدب العربي واللغتين الاسبانية والإيطالية.