بشير صفير
لا يغيب الفن العربي عن «مهرجانات بعلبك» من رقص استعراضي ومسرح غنائي، إلى الطرب والموسيقى الشرقية، أو غير ذلك من أطر التعبير الحديثة والتقليدية. غير أن هذا الحضور الدائم لا يأتي دائماً بالمستوى المطلوب. فتارةً يستضيف المهرجان العريق اسماً ذا قيمة ثانوية أو أدنى، فقط لمجرد أن الغرب كرّسه، وطوراً يدعو فرقةً ما زالت تجترّ العرض الراقص ذاته منذ عقود!
في 2008، أشعلت المطربة الكبيرة وردة الجزائرية أدراج بعلبك. لكنّ حضورها اكتسب ثقلاً معنوياً أكثر منه فنياً، بما أن السنين نالت حصتها (المشروعة) من طاقة صوت المطربة السبعينية ورونق طلّتها. في 2009، كان الموعد مع «كركلا». أما هذه السنة، فتبدو البرمجة أفضل حالاً، مع أمسية لعازف العود العراقي نصير شمّة وأوركسترا العود السبت 31 تموز (يوليو) الحالي في باحة ما بين المعبدين، على أن تليه مسرحية غسان الرحباني وملحم بركات في 5 و6 و7 آب (أغسطس) المقبل.
إذاً، بعد إطلالته الشعبية من «المركز الثقافي الروسي» في بيروت قبل سبع سنوات، وبعد أمسيات كثيرة في مسارح بيروتية عدة، يعود نصير شمّة نجماً إلى أعرق المهرجانات اللبنانية. كُتِب الكثير عنه عازفاً بارعاً ومؤلفاً مجدِّداً في الموسيقى الشرقية. بعضهم يأخذ عليه التعويل المفرط على المهارات التقنية على حساب الإحساس. وبعضهم الآخر يرى فيه الرجل الذي استطاع تجديد علاقة الجمهور الشاب بالموسيقى الشرقية وآلة العود. وفي المحصلة الأخيرة، ربّما كان الطرفان محقَّين بمعنى من المعاني.

جدّد علاقة الجمهور الشاب بالموسيقى الشرقية
نصير عازف بارع حقاً، يعزف على آلته كمن يتنفس. وكل موسيقي يتقن المهارات الصعبة لا بدّ له من أن يبيِّنها في مكان ما، وهذا الطبيعي. غير أن هذه المهارات لا تعني تغييب الموسيقية Musicality عن الموسيقى، إلا في حالات المبالغة التي لا مهرب منها أحياناً. من جهة ثانية، في مسألة التجديد، يمكن القول إن نصير شمّة، ربما بفعل تمرّسه بالأنماط الكلاسيكية الغربية، خاض تجربة التأليف على العود بأسلوب مميّز. لا نعني قواعد التأليف الغربي، بل اعتماد الهيكلية الواضحة والمتينة في كتابة أعمالٍ للعود المنفرد. ليس الأمر جديداً في مدرسة العود أو في الموسيقى الشرقية، لكنّ نصير ذهب أبعد من غيره في هذا الاتجاه الذي نجد نماذج قديمة منه. أما في ما يخصّ تجربته مع فرقته (أوركسترا العود) التي ستتمحور حولها أمسيته المرتقبة، فمن المبكر تقويمها بدقة. غير أنها تبدو ضرورية في مسيرة فنان يهوى التجريب، فيما ثمرتها الأكاديمية، لناحية اكتشاف المواهب وتدريبها وإطلاقها، أكيدة من دون أدنى شك.


السبت 31 تموز (يوليو) الحالي ـــــ «مهرجانات بعلبك» ـــــ للاستعلام: 01/373150
www.baalbeck.org.lb