معرضها الفردي الأول يتمحور حول موضوع عالجته نان غولدين في السبعينيات بين آخرين. لكنّ الفنانة اللبنانية (1980) ترى أنّ خصوصية عملها تكمن في تجربتها الشخصية في الإقامة بين عالمين، بيروت ولندن!
ميريام دلال
تتوسّط المشهد كدمية «هانز بلمر». تقف على العشب الذي يغطّي أكبر مساحة من الصورة. يداها مرفوعتان إلى الأعلى كأنها في وضعية صلاة، تتأمّل برأسها المرفوع أيضاً ضوء الشمس المنعكس على نظارتها. عارية الصدر تغطّي ذراعيها سترة زرقاء تلاقي زرقة السماء، وسروالها الأخضر القصير يتّحد بالأرض التي لا يكسر رتابتها سوى ظلّ تلك المرأة. بين هندسيّة الجماد في الخلفيّة وليونة انحناءات الجسد البارز بتباين النور والظل، تظهر إحدى الصديقات المقرّبات من رشا كحيل. صورتها واحدة من مجموعة تقارب ثمانين صورة التقطتها الفنانة اللبنانية (1980) في السنتين الماضيتين بين بيروت ولندن واختارتها لمعرضها الفرديّ الأوّل.
حوّلت رشا «زيكو هاوس» إلى غرفتها الكبيرة، ألصقت فيها بطريقة بسيطة وفوضويّة قصصاً عاشتها مع أصدقاء، وأماكن، ومواقف ومصادفات. لم تكن تبحث عن صالة عرض تقليديّة بإضاءتها المدروسة وجدرانها الملساء المثاليّة.
لكلّ صورة قصّة، ويكبر حجم الصّورة مع أهميّة وقع الحدث. هكذا تعلّل رشا اختيارها لثلاثة أحجام مختلفة للصّور. هي يوميّات المصوّرة التي لا تنفك تبحث عن اللحظة التي يخرج فيها الحدث عن إطار المألوف، تلك اللحظة الهشّة الضعيفة التي يسلّم فيها الموضوع نفسه. صور كحيل ليست إلا احتفالاً بتلك اللحظات الـshameless أو «الوقح»، وهو عنوان معرضها، وهو الحالة الذهنية أو المزاج الذي تسرقه رشا في بحثها النظري الدائم.
هو فقدان الحواجز التي نضعها لأنفسنا ونسيان تلك الشخصيات المسرحيّة التي نعيش في ظلّها تلك اللحظة التي قد تقودنا إلى نجاح أو فشل، لكنّها تستحق اللقطة: أصدق لحظة وأقربها إلى الإحساس الحقيقي.
درست رشا فنون التواصل والتصميم، وحازت أخيراً «ماجستير» في التصوير الفوتوغرافي الفنّي والفيديو من الجامعة الملكيّة للفنون في لندن. تتنوّع أعمالها بين التصوير والفيديو. وقد شاركت في معارض عديدة بين لبنان والإمارات وسويسرا والمملكة المتّحدة. عملها اليوم هو أسلوب كلاسيكي يلامس الحدّ التشكيلي للوحة حيناً، وكسر لقواعد التأليف أحياناً لصور ملتقطة في إضاءة طبيعيّة، أو بواسطة الضوء الوميضي للكاميرا في الليل خدمة للموضوع. تحاول الوصول إلى الزاوية المناسبة مع مراعاة ظرفيّة الصورة.

أسلوب كلاسيكي يلامس الحدّ التشكيلي للوحة
سواء كان في معارضها الـ15 المشتركة السابقة أو في معرضها الحالي، تدور الفنّانة في فلكيّة الموضوع عينه. هي ـــــ بحسب قولها ـــــ لم تسأم منه وما زال لديها الكثير لتقوله. لم تبحث عن الدافع وراء اهتمامها بالجسد، والروحيّة الاجتماعيّة الّتي تفصل بين الخاص والعام والتوتر الناتج عند التقاء هذين القطبين. فمنذ نشأتها، لطالما استهواها هذا البحث.
لا تنفي كحيل تأثّرها بمصوّرين، وفنّانين سابقين ومعاصرين. فموضوعها قد عولج مع نان غولدن في السبعينيات، وحتى مع الياباني هيروميكس حالياً. لكنّها تجد أنّ فرديّة طرحها وأسلوبها تكمن في أنّ عملها هو مرآة لحياتها الخاصّة، ونظرتها وتجاربها كفنّانة تعيش بين بيروت ولندن.
ما قد نلحظه في أعمال رشا كحيل هو ذلك الرابط من الثقة الذي تنسجه في صورها بين من يقف أمام عدستها وبينها، سواء أكانوا أصدقاء أم مجرّد مصادفات على طريقها. منهم من يتموضع للقطة، وآخرون غفلت عنهم عين الكاميرا. صور بالألوان، أو بالأسود والأبيض، وأسلوب مطواع في خدمة الفكرة. رشا كحيل لا تبحث عن هويّة فنيّة، بل تخبر وتمسّ وتتمنّى أن توصل اللحظة الحقيقيّة إلى كل الناس. هي أيضاً لا تخجل حين تسقط القناع الخاص وتنقله إلى العام بمجرد التقاط الصّورة...لكنّ كحيل تتمنّى اتّساع رقعة هذا الفن في لبنان.


حتى 7 آب (أغسطس) ـــــ «زيكو هاوس» (سبيرز ـــــ بيروت) ـــــ للاستعلام: 01/746769
[email protected]