قرن كامل على اختراع الفونوغراف بمبادرة من AMAR والأنطونيّة والسوربون وبرنامج زكي ناصيف والمجمع العربي للموسيقى، يلتقي باحثون في بيروت حول التراث غير الماديّ بين الدراسة والانتقالفي 6 كانون الأول (ديسمبر) عام 1877، وبعد أشهر من دراسة المبادئ النظرية لتسجيل الصوت وإعادة إنتاجه، تلتها مرحلة تصنيع الآلة التي تتمكّن من هاتين المهمتين، نجح العالم الأميركي الشاب، توماس إديسون (1847 ـــــ 1931) في ابتكار أوّل آلة تسجيل. وأوّل تسجيل صوتي موسيقي في تاريخ البشرية هو تهويدة للأطفال بعنوان Mary had a little lamb دندنها إديسون للآلة العجيبة التي التقطت صوته. أعطى إديسون هذه الآلة اسم «فونوغراف»، وهي عبارة إغريقية تعني «صوتٌ مكتوب».
بعد هذه القفزة النوعية في مجال انتشار الثقافة الموسيقية عبر التسجيل، طوّر العديد من الباحثين، إلى جانب إديسون، هذا الاختراع. جرى التخلص من كثير من العيوب، ويدأت تتطوّر صناعة آلات التسجيل، والأسطوانات بأشكالها المتنوّعة (بين مواد تصنيع، والقدرة على الاستيعاب...). مطلع القرن، وبعد انتقاله من أميركا إلى أوروبا، وصل هذا الاختراع إلى العالم العربي (مصر أوّلاً، مع بدء تسجيل الأسطوانات التجارية عام 1903) عبر القارة العجوز، وذلك بفضل الشركات الكبرى التي كانت منتشرة آنذاك.
غداً وبعد غدٍ، سيكون حفظٍ التراث الموسيقي العربي، محور المؤتمر الموسيقي العلميّ الدوليّ «قرنٌ من التسجيل، موادُّ للدراسة والانتقال». الحدث الذي تنظّمه «الجامعة الأنطونية»، و«مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية» (AMAR)، وجامعة «السوربون» وبرنامج زكي ناصيف للموسيقى (الجامعة الأميركية)، والمجمع العربي للموسيقى، يمتدّ يومَين، وتتخلّله سلسلة محاضرات ومداخلات. مرّ إذاً حوالى قرنٍ على بداية تسجيل الأعمال الموسيقية العربية. ومثّل هذا الأمر عنصراً محورياً في حفظ الإرث الموسيقي الذي لم يكن مدوّناً (على غرار الموسيقى الكلاسيكية الغربية)، بل متناقَلاً شفهياً من جيل إلى جيل، قبل أن يبدأ الموسيقيون العرب بتدوين أعمالهم. آلاف الساعات المسجّلة. وآلاف الأسطوانات والأشرطة. بعضها ضاع، وبعضها فقد من جودته مع الوقت أو بسبب الإهمال. وبعضها الآخر وقع في أيادٍ أمينة حافظت عليه. وفي كل الأحوال يمتلك هذا الإرث الفريد أهمية كبرى، متعددة الأبعاد تبعاً للزاوية التي نتناوله منها.



سامي الشّوا - "تقاسيم نهاوند"







يهدف المؤتمر إلى دراسة استخدامات التسجيلات، وخصوصاً المنشورة منها، من زاوية علم الموسيقى، وانتقال الميراث، والإثنوموسيكولوجيا (الدراسة الاثنولوجيّة للممارسات الموسيقيّة لدى الشعوب). ويندرج في سياق اتفاقية الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، التي وقعتها عام 2003 الدول الأعضاء في منظمة الأونيسكو، وفي الإشكاليّات المقترنة بها. هكذا تتناول مجموعة من الباحثين المتخصّصين، لبنانيّين وعرباً وأجانب، هذه المواضيع وغيرها غداً من الساعة التاسعة صباحاً حتى الثامنة مساءً في الجامعة الأنطونية (بعبدا)، وبعد غدٍ من التاسعة والنصف صباحاً حتى الخامسة عصراً في مركز AMAR (قرنة الحمرا). أما أبرز المشاركين، فهم نداء أبو مراد، وشريف الخزندار، وكمال قصّار، وفريديريك لاغرانج، وكفاح فاخوري، ونبيل ناصيف، والأب أنطوان راجح، وبشرى بشعلاني، وهياف ياسين، وعلي جهاد الراسي، وأكرم الريس وغيرهم...
ويمكننا القول إنّ المؤتمر «ختامه مسك»، فالجمهور على موعد مع حفلة موسيقية بعنوان «موسيقى من النهضة العربية»، تقدّمها «فرقة الموسيقى الفصحى العربية» التابعة للجامعة الأنطونية، مساء السبت عند الثامنة والنصف، في «أسمبلي هول» (الجامعة الأميركية في fdv,j). وتتألف هذه الفرقة من نداء أبو مراد (قيادة وكمان)، الشيخ صلاح يمّوت (إنشاد)، مصطفى سعيد (عود)، غسان سحّاب (قانون)، إضافةً إلى الفنان الضيف علي جهاد الراسي (ناي وبزق).
يبقى الاعتراف بأن تلك التسجيلات القيّمة، رغم أهميتها، لا تبدو قادرة على إثارة الاهتمام خارج دائرة الباحثين و«السمّيعة». أما الجمهور العربي العريض، فقد لا تهمّه كل هذه المسألة. وهنا تكمن المشكلة.
بشير...

9:00 صباح غد وبعده ـــــ للاستعلام: 05/924074