توقّع الإعلاميّة اللبنانية في بيروت كتاب «بصمات على الهواء» (دار الجديد) الذي يستعيد محطات أساسيّة من مسيرتها المهنيّة. شخصيات بارزة التقتها على أثير راديو «مونتي كارلو»، وتركت لنا أن نعيد اكتشافها من زاوية خاصة وحميمة
ليال حداد
يقول البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم: «عمد الغرب إلى حل قضاياه على حسابنا كأنّنا قطعان من الغنم، أو كأنّنا لسنا بشراً». من جهته، يرى الشاعر أنسي الحاج أنّ «السياسة هي الرغيف» في بلداننا العربيّة، «هي الإرهاب والقهر، هي التبعية والتعصّب...». أما الممثّل الشهير عمر الشريف، فيبتعد عن السياسة ويصف حياته بالتعيسة، مؤكداً أنّه فقد حياته الشخصية مقابل الشهرة. في كتابها «بصمات على الهواء» (دار الجديد) تُعرِّفنا كابي لطيف إلى هؤلاء وغيرهم من الشخصيات في عالم الفن والأدب والشعر، قابلتهم في برنامجها «الوجه الآخر» الذي بثّته إذاعة «مونتي كارلو» بين عامي 1997 و2001.
في باكورتها الصادرة في مناسبة «بيروت عاصمة عالمية للكتاب»، تحكي الإعلاميّة اللبنانية لقاءاتها مع رجال دين، وفنانين، وسياسيين، وشعراء. تدخلنا إلى تفاصيل حياتهم العامة والخاصة، محاولة بذلك الإجابة عن أسئلة كثيرة شغلتها هي قبل أي أحد آخر. «كعالم آثار ينقِّب عن الكنوز الدفينة، حاولت أن أعبر بين الثقوب إلى الداخل. وكلّما استطعت أن أتعمّق في التوغُّل، أرى أن مهمّتي حقّقت أهدافها»، تقول لطيف في مقدّمة كتابها. لدى قراءة «بصمات على الهواء»، يبدو واضحاً أنّ الإذاعية الشهيرة حاولت التعرّف إلى ضيوفها بطريقتها الخاصة، فابتعدت عن الأسئلة التقليدية السائدة في المقابلات الإذاعية.
حاولت أيضاً تقريب ضيوفها من المستمعين. نراها مثلاً تسأل الفنّان الراحل زكي ناصيف عن المرة الأولى التي التقى فيها فيروز، وعن علاقته بفناني جيله وعن سبب غياب المرأة في حياته. تسأل بطرس بطرس غالي عن أصعب المواقف التي واجهها أثناء توليه رئاسة الأمانة العامة لـ«الأمم المتحدة»، وعن بداياته السياسية. تروي بذلك فضول المستمع، من دون أن تلجأ إلى إحراج ضيفها. وكما يشير اسم البرنامج الإذاعي الذي قدّمته لطيف «الوجه الآخر»، بإمكان القارئ التعرّف إلى الحياة الأخرى للشخصيات المعروفة التي استضافتها، من دون الدخول في متاهات الابتذال والفضائح.
اختارت لطيف تقسيم كتابها إلى أربعة محاور: الأول يضم مقابلاتها مع رجال الدين (أغناطيوس الرابع هزيم، محمد مهدي شمس الدين، محمّد حسين فضل الله، وميشال صبّاح). المحور الثاني يضمّ السياسيين والمفكّرين (بطرس غالي، غسان سلامة، فؤاد بطرس، منح الصلح). أما المحور الثالث فحاورت فيه الفنانين (منصور الرحباني، وديع الصافي، عمر الشريف، زكي ناصيف). وفي المحور الأخير، أدرجت مقابلاتها مع شعراء هم أدونيس، وأنسي الحاج، وسميح القاسم، ومحمد الفيتوري.

عن وديع الصافي وزكي ناصيف وأدونيس وأنسي الحاج...

وقبل كل مقابلة، تعرّفنا لطيف إلى ظروف لقاء الشخصية وانطباعاتها الأولى، ما يضفي على اللقاء طابعاً حميمياًَ وشخصياً. هنا نكتشف كيف تعطّلت آلة التسجيل قبل لقائها بالبطريرك هزيم، وكيف أعادت المقابلة مرتين مع محمد مهدي شمس الدين، الذي استقبلها برحابة صدر رغم مرضه. كذلك تقدّم كابي لطيف تعريفاً بالشخص الذي تقابله من خلال نبذة قصيرة عن حياته، مع إضاءة على أبرز العبارات التي قالها خلال المقابلة.
في مقدّمة الكتاب، تتساءل الإعلامية اللبنانية: «لماذا لم أحقّق حلمي الأول بأن أصبح كاتبة؟ فالإعلام ابن اللحظة، يأتي مع مجيئها ويغرب مع غروبها. ولا يبقى من التعبير الشفهي إلا القليل... وما يبثّ على الهواء يمتزج بالهواء، ولا يمكن الإمساك به». يبدو أنّها وجدت الديمومة المنشودة في كتابها الذي يجمع بين العمل الإذاعي والعمل الكتابي التوثيقي، وذلك مع شهادات أكثر من خمس عشرة شخصية عربية.
هذه التجربة الفريدة التي تخوضها لطيف للمرة الأولى، يمكن أن نعدّها دروساً في فنّ الاصغاء. إنها البصمات التي تركتها على هواء «مونتي كارلو» حيث بدأت العمل عام 1986، مع برامج مثل «الوجه الآخر»، و«لقاء الجمعة»، و«بدون قناع»... إنّها أيضاً بصماتها على مجمل الحياة الإذاعية اللبنانية التي لا تزال حتى اليوم أحد أبرز وجوهها.


توقّع كابي لطيف كتابها «بصمات على الهواء» عند الخامسة مساء اليوم في «محترف الزاوية» (شارع الست نسب، بيروت) ــــ للاستعلام: 01/553604