تنتظر الشاشة البرتقالية، ومعها الإعلام اللبناني، صدور قرار قضائي في دعوى مصرف «سوسييتيه جنرال» بحقها. وفي حال فوز المصرف بالدعوى، سيكون على المحطة دفع 400 مليار ليرة، ما يهدّد بإقفالها
ليال حداد
لم تنته قضية مصرف «سوسييتيه جنرال» وقناة OTV بعد. بل إنّ المواجهة بين الطرفَين ستشهد فصلاً جديداً (قد يكون الأخير) يوم غدٍ الخميس. إذ يُتوقّع أن يصدر قاضي الأمور المستعجلة، قراره في القضية المرفوعة من المصرف على المحطة.
وفي حال فوز «سوسييتيه جنرال» بالدعوى، سيكون على الشاشة البرتقالية دفع مبلغ خيالي يبلغ 400 مليار ليرة (ما يقارب 270 مليون دولار). لكن قبل الغوص في خلفيات هذا القرار، وتأثيره على الإعلام اللبناني بجملته، لنعرض قليلاً تفاصيل القضية وأسبابها: في الخامس من شهر آذار (مارس) الماضي، كان يُفترض أن تعرض شاشة OTV، ضمن برنامجها «أوفريرا» الساخر (الجمعة 20:45)، اسكتشاً يحمل عنوان «سوسييتيه أنتي جنرال Société anti général». لكن عند الساعة السابعة من مساء اليوم نفسه، تسلّمت إدارة المحطة قراراً صادراً عن قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، يقضي بمنع عرض الاسكتش بناءً على استدعاء من بنك «سوسييتيه جنرال»، وهو ما حصل بالفعل؛ إذ أوقفت القناة عرض الإعلان الترويجي للحلقة، وذهبت أبعد من ذلك من خلال امتناعها عن عرض الحلقة كاملة.
ظنّت OTV أنّ الأمور انتهت عند هذا الحدّ، لكنها فوجئت الأسبوع الماضي «بصدور قرار عن قاضي التنفيذ بالحجز الاحتياطي، وقيمته 50 مليون ليرة» يقول رئيس مجلس إدارة القناة روي الهاشم لـ«الأخبار». عندها، أدركت إدارة القناة أنّ المصرف مستمرّ في دعواه، فدفعت قيمة المبلغ، وها هي تنتظر صدور القرار النهائي غداً الخميس.
لكن لماذا استمرّ المصرف في دعواه؟ وإلى ماذا استند؟ وهل يمكن ملاحقة القناة بعدما أوقفت عرض الإعلان الترويجي للاسكتش؟ الجواب عن هذه الأسئلة لا يرتبط بالقناة البرتقالية، بل بـ ... موقع «يوتيوب»! إذ يبدو أنه قبل توقّف عرض إعلان اسكتش «سوسييتيه أنتي جنرال» قام أحد مشاهدي القناة بنسخه وعرضه على موقع «يوتيوب». وقد شاهد الشريط تسعة آلاف شخص، ويطالب المصرف بتعويض قيمته خمسون مليون ليرة عن كلّ شخص شاهد الإعلان على الموقع الإلكتروني، ما يصبح مجموعه 400 مليار ليرة لبنانية!
«لا علاقة لنا بما حصل، لم نكن نحن من وضع الشريط على «يوتيوب»، فلماذا يحمّلوننا مسؤولية أمر لا علاقة لنا به؟» يقول الهاشم. ويضيف أنّه يمكن أي شخص أن يسجّل الإعلان وينشره على الإنترنت، متسائلاً عن سبب التركيز على قناة OTV، رغم أنّ برامج ساخرة على محطات أخرى تناولت الموضوع نفسه من دون أنّ تتعرّض لأي ملاحقة «وهو ما يجعلنا نقول إنّ هناك خلفيات سياسية للموضوع».
والواقع يؤكّد أن للملفّ خلفيات سياسية. الخلاف الأساسي هو بين OTV ومن خلفها «التيار الوطني الحر»، و«سوسييتيه جنرال» ومن خلفه مديره العام أنطون الصحناوي الذي يُعَدُّ خصماًَ لدوداً للتيار العوني. وكان الاسكتش (أساس المشكلة) يتناول موضوع طرد موظّفين عونيين من المصرف بطريقة ساخرة، وهو ما أثار أستياء الصحناوي. وقد أكّد رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» ميشال عون أمس، بعد عقد جلسة استثنائية للتكتّل في مبنى OTV أن القضية سياسية، قائلاً: «القضاء هو من سيّس الموضوع». وأضاف عون قائلاً: «من الناحية القانونية، الدعوة على OTV ليس لها أساس في الشكل».
إذاً الأكيد أن الموضوع سياسي، والأكيد أيضاً أنّه إذا ربح المصرف الدعوى، فإن القرار القضائي سيعلن بداية عهد جديد من التعاطي مع الوسائل الإعلامية. عصر تتحكّم فيه سلطة المال، وسلطة السياسة مباشرة بالمواد والمواضيع المعروضة والمنشورة في الإعلام.

يرى روي الهاشم أن الدعوى غير منطقية لأن الإعلان الترويجي عرض على «يوتيوب»

وفي انتظار صدور قرار قاضي الأمور المستعجلة غداً، تعرض OTV الليلة حلقة تضامنية يشارك فيها سياسيون وفنانون وإعلاميون بعنوان «نعم لحرية القضاء... لا للقضاء على الحريات» (20:45) مع رواد ضاهر. ولعلّ عنوان الحلقة يعكس نظرة المحطة لهذه القضية، «شعرنا بأن هناك ضغوطاً على القضاء» يوضح الهاشم، لكنّه يعود ليضيف: «لا أدري من يمارس هذه الضغوط، لكنّني أعرف أمراً واحداً أنّه إذا صدر القرار ضد المحطة، فإن كل وسائل الإعلام ستُطال في وقت لاحق».
وتضامناً مع المحطة، طالب رئيس «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع» عبد الهادي محفوظ القضاء بـ«إعطاء وسائل الإعلام فرصة للدفاع عن نفسها». كذلك تعقد نقابة الصحافة عند الواحدة من ظهر اليوم لقاءً إعلامياً موسّعاً لبحث القضية.
ويذكر أنّه في حال صدور القرار بإدانة المحطة، فمن المؤكّد أنها ستكون غير قادرة على دفع هذا المبلغ الكبير، وبالتالي يرى بعضهم أن الحلّ الأمثل سيكون بإقفالها، فهل هذا هو حقاً ما يسعى إليه أصحاب الدعوى؟ جواب برهن الأيام المقبلة.


طارق متري متضامناً

قال وزير الإعلام طارق متري (الصورة) أمس إنّ رسالتَين وصلتاه أمس من نقيب الصحافيين محمد البعلبكي، ورئيس مجلس إدارة OTV روي الهاشم «وعدت بدوري واتصلت بالاثنين معاً. وخلال هذين الاتصالين، أكدت لهما رفضي لكل تضييق على الحريات الإعلامية أولاً، ودعوتهما إلى التشديد على ضرورة الاعتراض أمام القضاء على أحكام أو صلاحيات قضائية، مع حرصي الدائم على عدم إقحام الاعتبارات السياسية في العملية القضائية». وأضاف متري أن «المرجع الصالح للنظر في مثل هذه الدعوى التي رفعت على OTV هو محكمة المطبوعات، استناداً إلى قانون المطبوعات وقانون المرئي والمسموع، وهما المرجع القانوني للنظر في مشكلات كهذه».