خليل صويلح
هل يكفي أن ننقل حديقة حيوانات من نيويورك إلى دمشق، كي يصبح نص إدوارد ألبي «قصة حديقة الحيوان» مقترحاً محليّاً مقبولاً؟ سؤال يواجهنا خلال العرض الذي قدمته فرقة «باب» السورية على خشبة «مسرح دار الأوبرا» في دمشق، بتوقيع المخرج رأفت الزاقوت. ذلك أن الورطة الدراماتورجية (وائل قدور وعبد الله الكفري) تبدأ وتنتهي عند حدود تغيير أسماء الأماكن والشخصيات... فيما تكمل الفكرة الأصلية مسارها النيويوركي لجهة عزلة الفرد، والتفاوت الطبقي، والحياة التي تشبه الأقفاص.
هكذا يستعير فادي حياة «جيري» (يلعب دوره رأفت الزاقوت)، ويتكفل صلاح بارتباكات «بيتر» (زهير العمر) على مقعد في حديقة. الأول يعيش حياة عشوائية مضطربة، والثاني يعمل مدققاً لغوياً في دار للنشر (!)، فتتكشف حياة كل منهما، على مراحل، بثرثرة طويلة ومضجرة يستعرض خلالها فادي يومياته في غرفة ضيّقة، وعلاقته مع كلب صاحبة المنزل. فيما يسعى الثاني إلى استيعاب عبث شاب دمّر طمأنينة يوم إجازته، لينتهي العرض بخطبة لاذعة يقوم بها الأول في تحريض الثاني على الخروج من قفصه واستعادة كرامته المهدورة، وإذا به يرتكب جريمة قتل.

«قصة حديقة الحيوان» كما قدّمتها فرقة «باب» السورية على خشبة «دار الأوبرا»
نخرج من العرض، نفتش عن مدقق لغوي في دار نشر محليّة، يعيش أزمة «الطبقة الوسطى»، فلا نجده، أو عن شاب عاطل من العمل، يقطن في جرمانا، أحد أكثر الأحياء المزدحمة في ضواحي دمشق، ولا يجد من يواسيه بالحديث عن أزماته، ومشكلاته النفسية التي أفرزتها مدينة معدنية مثل دمشق، باعتبارها نسخة طبق الأصل عن مدينة نيويورك!
المفارقة أن جمهور العرض، والممثلين والدرامارتوجية، التقوا مباشرة في مقاهي ساروجة، وتوزعوا المقاعد المزدحمة، من دون أن يجد أحدهم مشكلة في التواصل مع الآخرين، ولو عن طريق الـ«فايسبوك».
نقرأ في كرّاسة العرض أن فرقة «باب» تسعى إلى «سد النقص في إنتاج العروض المسرحية المستقلة، والعمل على إفساح المجال لأفكار ومقولات تخص جيل الشباب». ألم يكن الأجدر أن تكتب هذه الورشة نصاً محلياً؟ وخصوصاً أن ثلاث جهات دعمت هذا المشروع، هي دار الأوبرا، ومؤسسة «سيدا» السويدية، و«المورد
الثقافي».