بشير صفيرعاصي إذاً هو ابن الطبيعة الوفيّ. وأحد أسرار نجاحه أيضاً، هو تعاطيه مع الموسيقى كعنصر من الطبيعة لا كرموز وعلمٍ وقواعد تركيب وبناء العمل. العلم (الرموز والقواعد وإتقان العزف على آلة) هو أداة تجسيد مادية لأنغام موجودة. على عكس الكثير من المؤلفين الذين يطبّقون النظريات فيحصلون على صوت. وليس على موسيقى.
في المسرح والكلمة والنغمة، دخل فنّاننا الكبير إلى الأعماق، وجسّد ذاته بالكامل. ثم أضاف صوت فيروز. لأنّ هذه الذات لم تكن كاملة وحدها... لحسن الحظ.
ربّما يساهم ما سبق في تفسير جزء من السرّ. لماذا يبقى عاصي حاضراً، ومحبوباً، إلى هذه الدرجة؟ الشعب يحبه لأنه الشعب، فكيف يكره نفسه؟ لا خوف على عاصي من النسيان، ولا خوف على فنّه من الذوبان في ابتكارات العصر وصرعاته.