Strong>الأوركسترا الفلهارمونيّة بين وليد غلميّة وهبة القوّاس«مهرجانات بيت الدين» التي تحتفل هذا العام بمرور ربع قرن على انطلاقتها، سيكون افتتاحها كلاسيكيّاً. موعد محلّي بامتياز في قصر الأمير بشير، يجمع، من خلال المايسترو ومغنية الأوبرا، بين جيلين في التأليف الموسيقي اللبناني. فاتحة لبرنامج فيه طرب وجاز وروك... يستمرّ حتّى 6 آب (أغسطس) المقبل

بشير صفير
ليس بين برامج مهرجانات صيف 2010 اللبنانيّة ما ينافس برنامج «بيت الدين» لناحية عدد المواعيد وتنوعها. بين 25 حزيران (يوليو) و6 آب (أغسطس)، يستقبل المهرجان، الذي يحتفل هذه السنة بالذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقه، 12 اسماً لإحياء 19 أمسية.
مساء الغد، ينطلق برنامج «مهرجانات بيت الدين» بافتتاح لبناني مع المؤلّفة الموسيقية هبة القوّاس و«الأوركسترا الوطنية الفلهارمونية» بقيادة وليد غلمية. بعد «الافتتاح الكبير»، عنوان أمسية القوّاس/ غلمية، يتابع «بيت الدين» مع فرقة Pink Martini وبعدها Il Divo، ثمّ تحية للعندليب الأسمر مع المطرب المغربي عبدو شريف ترافقه فرقة موسيقية بقيادة إحسان المنذر. بعد المحطة الشرقية المعتادة، أمسية للمغني Max Raabe المتخصص في استعادة ريبرتوار الأغنية الألمانية في عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته، يليه اللقاء الحدث مع زياد الرحباني ومحطة كلاسيكية مع Krakow Chamber Ensemble وأخرى للغناء الجازي تحييها الكندية ديانا كرال. وتتخلل المهرجان عروض فنية أخرى، من السيرك، والرقص المعاصر، والمسرح الغنائي، إلى معرض الفن المعاصر والتصميم (المستوحى من التراث الإسلامي)، على أن يُختتم موسيقياً مع المغني والمؤلف الموسيقي الإيراني المخضرم محمد رضا شجريان.
عملَان للقوّاس، الأول بعنوان «بيت الدين» والثاني غنائيّ مبنيّ على نصوص شعرية لكمال جنبلاط
البرنامج الغنيّ (رغم بعض المواعيد العادية)، جعل اختيار هبة القوّاس والأوركسترا الوطنية الفلهارمونية بقيادة وليد غلمية لانطلاق الموسم تحت عنوان «الافتتاح الكبير» مبالغاً فيه بعض الشيء. إشارة تبدو ضروريّة انطلاقاً من الحرص على المهرجان العريق، واحترامنا للجنة المنظّمة، وتقديرنا لوليد غلمية وجهوده في مجال النهوض بالأوركسترا والكونسرفتوار الوطنيَّيْن، كما للفنانة هبة القوّاس ولشخصيتها المحبَّبة ولسعيها إلى التجارب الفنية البعيدة عن الاستهلاكيّة والإغراء. لكنّ اعتزازنا بالأوركسترا الوطنية، لا يلغي تسجيل الملاحظات عليها ووصفها بأوركسترا من الفئة الثالثة. هذا ليس عيباً نسبةً إلى أوركسترا حديثة العهد وقليلة الخبرة، نظراً إلى محدودية إمكانياتها التقنية والمادية.
من ناحية أخرى، فإنّ المهتمّين بالموسيقى الكلاسيكية والشقّ الأدائي منها، يعرفون أنّ وليد غلميّة، كقائد أوركسترا، لا يضاهي الأسماء الغربية، حتّى المغمورة في هذا المجال. يمكن القول إنّ للبنان أفضل أوركسترا وقائد أوركسترا ممكنَيْن، نسبة إلى خبرتنا وقدراتنا واهتمام الدولة بالفن. لكننا نبقى بعيدين في المجالَيْن عن المستوى العالمي ضمن المعايير الفنيّة الموضوعية. هذا لا يعني أنّ الحفلة لا تستحقّ كل الاهتمام، لكنّ عنوانها «الافتتاح الكبير» يبدو تسمية فضفاضةقد نُفاجأ إذا حضر أحد النقاد من الوسائل الإعلامية الغربية المتخصّصة وأعطى رأيه استناداً إلى العنوان. وهذا ما حصل مراراً، لكنّه بقي بعيداً عن التداول المحلي لعدم انتشار المجلات الموسيقية المتخصّصة في لبنان. هذه الهفوة، وإن كانت طفيفة، قد تؤثر على سمعة المهرجان، لأن الافتتاح هو واجهة هذه التظاهرة الفنية. أمّا إمكان تفادي هذه الهفوة فيبدو متاحاً بسهولة. إذا كانت دعوة أوركسترا مرموقة تتطلب مبالغ طائلة، فلتكن إذاً الأوركسترا الوطنية في الافتتاح، وكذلك قائدها. لكنّ البرنامج، الذي يتألف في مجمله من مقطوعات من تأليف هبة القوّاس، يمكن تعديله بالشكل الذي يجعل من الأمسية حدثاً بحد ذاته، أو «افتتاحاً كبيراً» بكل ما للكلمة من معنى.
على برنامج الافتتاح مؤلفات موسيقيّة مختلفة، بينها جزء بتوقيع هبة القوّاس تحية لبنانية للمهرجان، تمثّل النشاط المحلي في حرفة التأليف الموسيقي الكلاسيكي، نأمل أن تكون إلى جانبها أعمال يتشوّق محبّو الموسيقى الأوركسترالية إلى مشاهدتها في أداء حيّ. أداءٌ مهما كان مستواه سيكون ممتعاً لمجرد أنه حيّ. وهذا لا يحتاج إلى كثير من الجهد، بما أن للأوركسترا ريبرتوارها الجيّد. ريبرتوار كوّنته عبر الأمسيات الكثيرة التي كانت وما زالت تقدّمها في كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين (مونو)، ويمكن استثمار أفضل ما فيه في المناسبات المهمّة (على غرار علاقة الأوركسترا الوطنية بمهرجانَيْ «البستان» و«بعلبك»).
البرنامج النهائي لأمسية «الافتتاح الكبير» الذي يجمع المؤلفة ومغنية الأوبرا اللبنانية هبة القوّاس بالأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية للمرّة الأولى في «بيت الدين»، لم يعلن بالكامل. وقد علمت «الأخبار» أنه سيضمّ من قديم القوّاس مجموعة أغنيات مع مرافقة أوركسترالية، مبنية على نصوص شعرية للحلاج وعبد العزيز خوجة وهدى النعماني وندى الحاج. ومن جديدها مقطوعة بعنوان «بيت الدين»، كتبت للمناسبة، وغنائية اختارت نصها الشعري من ديوان «فرح» للمعلم كمال جنبلاط. أما ما بقي من البرنامج، فيتألف من مقطوعات من الريبرتوار العالمي، منها افتتاحية أوبرا «أبو حسن» للألماني كارل ماريا فون فيبر (1786 ـــــ 1826)، إضافة إلى عمل من تأليف المايسترو وليد غلمية.

مساء الغد ـــــ «بيت الدين» (الشوف) ـــــ للاستعلام: 01/373430