strong>ليال حدادكما في فلسطين كذلك في العراق: مشهد حرية الصحافة يزداد ظلمة يوماً بعد يوم. كأنّ ثقل الاحتلال وممارساته القمعية ضدّ الإعلام لا يكفيان، دخلت الحكومتان العراقية والفلسطينية على خطّ الرقابة، لتحوّل حياة الصحافيين إلى جحيم يوميّ. في بلاد الرافدَين، تحوّلت «الديموقراطية» الأميركية، إلى عمليات قتل وضرب، واختطاف للصحافيين وصل عددها إلى 262 انتهاكاً بين الثالث من أيار (مايو) 2009، والثالث من الشهر نفسه عام 2010 وفق التقرير السنوي الذي أصدره «مرصد الحريات الصحافية» العراقي في مناسبة «اليوم العالمي لحرية الصحافة» (3 أيار/ مايو).
واللافت في العراق، أنّ كل الجهات الحكومية والعسكرية والدينية، على حدّ سواء متورطة في عمليات الاعتداء على الصحافيين. وقد ازداد الهجوم على الإعلاميين منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة (7 آذار/ مارس 2010). وهو ما دفع عدداً كبيراً من الناشطين في مجال الحريات الإعلامية، للمطالبة بإقرار البرلمان قانون حماية الصحافيين، المؤجّل البت به منذ أيلول (سبتمبر) الماضي. وخصوصاً مع ازدياد محاولات قتل الصحافيين، من خلال وضع عبوات لاصقة في سياراتهم، أو من خلال الأسلحة الكاتمة للصوت «وهاتان الطريقتان هم المفضلتان عند المسلحين»، كما جاء في تقرير المرصد.
وكانت منطقة كردستان العراق، قد تحوّلت منذ الغزو الأميركي إلى أكثر المناطق خطراً على الصحافيين. وتفاقمت حالات الاعتداء في الأشهر الأخيرة، وبلغت ذروتها مع تعرّض ثمانية صحافيين أكراد الشهر الماضي إلى الضرب خلال تغطيتهم تظاهرة طلابية. يذكر أن عدد الصحافيين المقتولين في العراق منذ الغزو وصل إلى 247. في فلسطين، لا تختلف الصورة كثيراً، وإن كانت عمليات الاعتداء لا تصل إلى حدّ القتل. وقد وثّق «المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية ـــــ مدى» 69 انتهاكاً بحقّ الصحافيين منذ بداية العام الحالي. 57 من هذه الانتهاكات ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي و12 وقفت خلفها جهات فلسطينية.
وفي وقت تبدو خلفيات الاعتداءات الإسرائيلية على الصحافيين الفلسطينيين، فإنّ الخطوات التي تتخذها كل من حركتَي «فتح» و«حماس» بدأت تبشّر بمستقبل أسود للصحافة الفلسطينية. في قطاع غزة، تفرض «حماس» سلطة مشددة على الإعلاميين، وقد اعتقلت العام الماضي، ما لا يقلّ عن عشرين صحافياً مناصراً لـ«فتح» في القطاع. وكذلك الأمر في الضفة، حيث تقيّد السلطة تحركات العاملين في قطاع الإعلام، وخصوصاً المناصرين لـ«حماس». أما الجديد فهو محاكمة هؤلاء الإعلاميين أمام المحكمة العسكرية! وانطلاقاً من هذا الواقع، صنّفت «مراسلون بلا حدود» الطرفَين ضمن «صيّادي الحريات» لعام 2010.


بلد الحريات؟