مفكرة الإعلامي والشاعر اللبناني مزدحمة هذه الأيام. ها هو ينخرط في «تقنيات العصر» ويحضّر لـ«سي دي» شعري تصدره «روتانا» ويواصل تقديم برنامجه الذي أطفأ أخيراً شمعته الرابعة عشرة

باسم الحكيم
احتفل زاهي وهبي أخيراً بمرور 14 عاماً على برنامجه «خليك بالبيت». أكثر من 700 حلقة هي حصيلة السنوات الماضية، تخللتها استراحات طفيفة في بعض المواسم الرمضانيّة. وبموازاة ذلك، أثمرت الأعوام الماضية سلسلة دواوين شعريّة، وكتاب «قهوة سادة: في أحوال المقهى البيروتي»، كما وقّع الشاعر والإعلامي اللبناني أخيراً عقداً مع «روتانا» لإصدار «سي دي» شعري.
يصف وهبي «خليك بالبيت» بالجامعة وضيوفه بأساتذته، «كل ما يمر في البرنامج يسهم في تطوير تجربتي». ويعتبر أن «المطلوب من الضيف أن يعرف ماذا يقول. أما المطلوب من المحاور، فهو أن يحسن الاستماع ويملك فن الإصغاء».
يحترم وهبي ضيفه إلى أبعد الحدود، لكن هل يمكن أن تكون شخصيته نفسها مع ضيوف من مختلف المجالات؟ يجيب سريعاً: «خلال 25 سنة من عملي الإعلامي، تعلّمتُ أن الإنسان أهم من المهنة. ولا يعنيني الموضوع الذي يفرقع الحلقة فرقعةً عابرةً. تهمني «الفرقعة» المنطلقة من موقف، لذا لا تعنيني مثلاً قصص الحب القديمة لضيفتي، إذا لم ترتبط بالحاضر وتؤثر في مسيرتها ونتاجها الإبداعي».
يوافق الإعلامي اللبناني على أن الناس بطبيعتهم يحبّون التلصّص على الحياة الخاصة، «لكن برنامجي ليس برنامج تلصّص. أطرح برنامجاً ثقافيّاً وإنسانياً له بعد مختلف»، مذكراً بأنّه «يحق لي طرح أي سؤال لكن ليس بأسلوب عرض العضلات التي لا أحبذها». ويضيف «أوافقك بأنه لا يمكن محاورة أدونيس بالطريقة نفسها التي يحاور فيها عاصي الحلاني مثلاً، وتختلف محاورة يوسف شاهين عن سعاد محمد. من خلال خبرتي، تعلّمت أنّه ليس ثمة وصفة جاهزة تطبق على كل الضيوف». ويفاخر وهبي بأن «خليك بالبيت» هو «البرنامج العربي الوحيد الذي جمع شرائح مختلفة: من رفيق الحريري وحسن نصر الله إلى نانسي عجرم وفيفي عبده. هاجسي منذ البداية أن يكون لدي برنامج عربي يبث من لبنان». ويقول إن «البرنامج استطاع النأي عن وحول السياسة المحليّة ويظلّ منبراً حراً لكل المبدعين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية». وماذا عن إلزام البرامج الحواريّة بالدفع لضيوفها مبالغ خيالية أحياناً؟ يوضح «لحسن الحظ أن سمعة البرنامج توفّر علينا هذا الأمر. بات معروفاً أن الفضائيات العربية تعاني أزمات مالية ويصعب الدفع للضيوف. مع ذلك، فالبرنامج يستقطب نجوماً كباراً يتقاضون عادةً أجراً لقاء إطلالاتهم التلفزيونية، وآخرهم يسرا ونانسي عجرم وعاصي الحلاني. لم يطرح أحد مقابلاً مالياً، لكن لا أنكر أن بعض الضيوف يطلبون، ونحن ندفع مبالغ بسيطة هي عبارة عن مصاريفه فقط. وأنا شخصياً مع مبدأ الدفع للضيوف، لأنّ هؤلاء يعطونك من وقتهم وجهدهم. وهذا البرنامج يؤمن إعلانات للمحطات على اسم الضيف، وأتمنى أن أنجح في إقناع محطتي بأن تعتمده، لأن هذا حق مشروع. لكن المرفوض والمستهجن هو المبالغ الخيالية التي تلجأ بعض الفضائيات إلى اعتمادها بدافع المنافسة».
انطلق «خليك بالبيت» برنامجاً طويلاً يمتد ثلاث ساعات على الهواء. لكن اليوم قُلِّصت مدّته إلى ساعة ونصف فقط. يعلّق وهبي: «أظن أن هذه المدة كافية في عصر السرعة. بطل الشاشة الأول اليوم هو الريموت كونترول، ولا أحد يتحمل برنامجاً طويلاً». ويكشف أنه لم يكن متحمساً لنقل البرنامج من الثلاثاء إلى الأحد، «لكنّ نسبة

منذ البداية، كان هاجسه تقديم برنامج عربي يُبثّ من لبنان
المشاهدة زادت مع هذه النقلة». وماذا عن البرامج والمسلسلات التي تنافسه ليلة الأحد؟ يسارع إلى القول: «لا أؤمن باستطلاعات الرأي التي تجرى في لبنان، لأنها مجرد وجهات نظر». إذاً يبدو وهبي فخوراً باستمرار البرنامج كل هذه السنوات، «لأننا في عالم عربي، لا شيء يستمر فيه سوى الأنظمة والحكّام، وتهمّني الاستمراريّة لأن البرامج المستمرة نادرة، وهذا الأمر يخلق تحدّياً لي». يعترف وهبي بأنه لم يصنع الاستمرار وحده، «معي فريق عمل كبير، لكن التلفزيون يمنح كل ما لديه للوجه الذي يظهر على الشاشة، ويغفل حقوق العاملين خلف الأضواء»، كما يثني على «هامش الحريّة الذي يكفله تلفزيون «المستقبل» الذي لولاه لما استمررنا».
بعد صدور كتابه الجديد «قهوة سادة: في أحوال المقهى البيروتي»، وقّع زاهي عقداً مع «روتانا». يقول: «كما بات معروفاً، اتفقنا على ألبوم شعري واحد، علماً بأن العرض كان لثلاثة ألبومات، لكن فضّلت أن يكون لسنة واحدة قابلة للتجديد، لنرى إذا نجحت التجربة، نكررها، وإلاّ كان الله يحبّ المجرّبين». ويعلّق على دخول الشعر إلى «روتانا»: «أعتقد أن على الشاعر اختبار الوسائل الجديدة وتقنيات العصر. علماً بأنني أؤمن بأنّه لا بديل من الكتاب. لكنّه لم يعد المصدر الوحيد للمعرفة، ثمة مصادر أخرى كالتلفزيون والإنترنت».