خليل صويلحأخيراً بات لقصيدة النثر ملتقاها الخاص. الفكرة راودت مجموعة من شباب «الحزب الشيوعي السوري» في حلب السنة الفائتة. ها هي الفكرة تبصر النور، وإن كانت ولادتها عسيرة، بعدما استهجن بعض «رسميّي الحزب» الاحتفاء بهذه «القصيدة الضالة». سترافقنا في الحافلة عبارة للمتنبي «حلبٌ قصْدُنا وأنتِ السبيلُ»، ليستقبلنا حسين كرو، أحد أركان الملتقى، في منزل والدته، حيث تقاسمنا الغرف والصالون والممر أيضاً. في المساء، سنلتقي منسّقي «ملتقى حلب لقصيدة النثر» الشاعرين محمد فؤاد وعبد السلام حلوم أمام مبنى مهجور هو المركز الثقافي القديم. نصعد درجاً لولبياً يقودنا إلى صالة متهالكة، توزّع ما بقي من كراسيها جمهور شاب أتى للإسهام في إنجاح هذه المبادرة الأهلية المتواضعة. غاب عن الأمسية عناية جابر وغسان جواد من لبنان لأسباب اضطرارية، فعوّض غيابهما الزميل حسين بن حمزة والشاعرة الفلسطينية القادمة من عمّان جمانة مصطفى.
تعاقب على المنصة خلال يومين (5 و6 أيار / مايو) شعراء سوريون شباب: محمد دريوس، ورائد وحش، وأميرة أبو الحسن، وإيلي عبدو، ومحمد رشو، وعبد السلام حلوم، واختتمها عادل محمود، إضافة إلى ورقة نقدية قدّمها خضر الآغا.

«ملتقى حلب لقصيدة النثر» محاولة لاستئناف «ملتقى حلب الشعري» الذي برز في الثمانينيات

أهدى «ملتقى حلب لقصيدة النثر» دورته الثانية إلى الشاعر عبد اللطيف خطاب (1959ـــــ2006) الذي كان أحد شعراء الثمانينيات الذين أسّسوا نصاً نافراً. ترك خطّاب ديواناً يتيماً بعنوان «زول أمير شرقي» (1990)، لكنّ محمد فؤاد لفت إلى وجود مخطوطتين لم تنشرا للراحل هما «الغرنوق الدنف» و«ترجمان النوم». الملتقى محاولة لترميم العطب الذي أصاب جيل «ملتقى حلب الشعري»، هذا الجيل الذي شق طريقه خارج أسوار «جامعة حلب» بقوة في الثمانينيات لينطفئ فجأة. حالة الانطفاء تنسحب على كل مفاصل الحياة الثقافية في عاصمة الشمال. ثلّة مثقفين يتثاءبون في «المقهى السياحي» بعد إغلاق «مقهى القصر» مسرح السجالات الساخنة خلال التسعينيات والثمانينيات.
لعلّ نكهة «الكباب الحلبي» أقوى من الشعر هنا. بالكاد نجد مكتبة تعتني بالإصدارات العربية الحديثة، بعدما تحولت المكتبات القديمة إلى دكاكين لبيع أجهزة الموبايل، أو محال عصائر. نغادر مدينة سيف الدولة من دون أن نزور قلعته الشهيرة، ذلك أن ورشات شق الطرق عطّلت المسافة إلى فضاء المدينة القديمة.