strong>سعيد خطيبييُعدّ «مهرجان موازين ـــــ إيقاعات العالم» (راجع المقال أدناه)، الحدث الفني الأبرز في المغرب. وهو أيضاً يمثّل الفرصة الأمثل لتعيد الجهات السياسية المحافظة في البلاد، التأكيد على مبادئها، والرفع من حدّة لهجتها، والعودة إلى واجهة الاهتمامات الإعلامية. وهو ما حصل بالفعل في الأيام الأخيرة. إذ تعيش المملكة على وقع البيانات والتصريحات الناقمة التي يطلقها قياديو «حزب العدالة والتنمية»، ذي المرجعية الإسلامية المحافظة. وقد دعا الحزب إلى منع مشاركة مغني البوب البريطاني إلتون جون (63 سنة) في المهرجان، بسبب مجاهرته بمثليّته الجنسية!
لم يعترض أحد على زيارة مغني البوب البريطاني إسرائيل الشهر المقبل
وقال رئيس كتلة الحزب في البرلمان مصطفى الرميد، «نرفض تماماً ظهور هذا المغني على الخشبة، لأن ثمة إمكاناً لأن يشجع ذلك على المثلية الجنسية في المغرب». كذلك تحدّث لحسن الداودي، وهو أحد قياديي الحزب قائلاً: «ليس لدينا أيّ مشكلة مع شخص المغني بحدّ ذاته، لكن مع الصورة التي يوحي بها في المجتمع. إنّ المجتمع المغربي كوّن صورة سلبية عن هذا المغني، وينبغي أن نأخذ ذلك في الاعتبار». من جهتها، دافعت إدارة المهرجان، بشدّة، عن خيار استضافة إلتون جون. وصرّح مدير المهرجان الفني عزيز دكي: «لا يسعنا التخلي عن إقامة حفلة غنائية لأحد الفنانين على خلفية مثليّته، لأن ذلك يجعلنا ننتهك الحرية الشخصية، ويؤدي إلى زعزعة بعض القيم التي يقوم عليها مهرجان موازين الدولي». أمام هذه الزوبعة من التصريحات والتصريحات المضادة، يلتزم المغني الستينيّ الصمت في انتظار حفلته التي ستقام في السادس والعشرين من الحالي، في «قاعة السويسي» في الرباط. علماً بأنّ حفلته التي كانت مقرّرة في 18 أيار (مايو) في القاهرة أُلغيت للأسباب نفسها، وليس مثلاً اعتراضاً على تقديمه حفلة في «إسرائيل» في 17 حزيران (يونيو) المقبل!
وفي وقت يدعو فيه «حزب العدالة والتنمية» إلى منع جون من الغناء في المغرب بسبب مثليّته، يقف شباب المغرب، في خط المواجهة. وقد أطلقت أخيراً، مجموعة من الطلاب والصحافيّين، تحت أسماء مستعارة، أول مجلة ورقية في منطقة المغرب الكبير، عن المثلية الجنسية بعنوان «مثلي».
ورغم أنّ المغرب اكتسب مكانة وحظوة عربيّتين، من خلال المداومة على تنظيم «مهرجان موازين» هذا، واستضافة ألمع نجوم الموسيقى في العالم، فإنّ البلاد تحوّلت في وقت قصير جداً، إلى بؤرة صدامات مع التنظيمات السياسية المحافظة. وآخر أبرز الضحايا كان المغنية اللبنانية إليسا، التي تلقّت في شهر شباط (فبراير) الماضي، وابلاً من الانتقادات من جانب مسؤولين في «حزب العدالة والتنمية». يومها، أقامت إليسا الحفلة في مدينة الجديدة، ضمن فعاليات «ليالي مازاغان». وسرعان ما انهالت عليها الانتقادات، واتهمتها جريدة «التجديد» الناطقة باسم «حزب العدالة والتنمية» بـ«تدنيس الأخلاق العامّة وتشجيع القمار»!

«مهرجان موازين»: بين تبذير و«انحلال»



الرباط ـــ محمود عبد الغني
تستقبل الدورة التاسعة من «مهرجان موازين ـــــ إيقاعات العالم» المغني البريطاني إلتون جون (1947) الذي سيكون نجمها هذه السنة. لكن حضور النجم الستيني، المتوقّع في السادس والعشرين من الجاري، سبقته اعتراضات قوية أطلقها «حزب العدالة والتنمية» وسببها ميول جون الجنسية!
لم تكن انتقادات الحزب الإسلامي يتيمة. المهرجان نفسه يتعرّض لحملات من مختلف الأوساط المغربية، سببها أولاً «أخلاقي». أما السبب الثاني، فيتعلّق بتبذير الأموال العامة، وخصوصاً أنّ العاصمة المغربية تنظّم في الوقت نفسه تقريباً مهرجانها الدولي المعروف بـ«مهرجان الرباط الدولي». وقد نشرت بعض التقارير معلومات تفيد بأنّ أجر الفنانين العرب المشاركين راوَح بين 50 و70 ألف دولار للفنان، فيما يتضاعف هذا المبلغ حين يتعلّق الأمر بالفنانين الأجانب.
وقد ارتفعت الأصوات المنتقدة للمهرجان، بعدما تعرّى عضو من فرقة موسيقية إسبانية أمام الجمهور في دورة سابقة من المهرجان. كما انتهت الدورة الثامنة سنة 2009 بمأساة إنسانية، تمثّلت في وفاة عشرات الأشخاص بسبب الازدحام الذي أدى إلى انهيار المدرجات بعد انتهاء الحفلة التي أحياها المغني الشعبي عبد العزيز الستاتي. ولأن «مهرجان موازين» أصبح محط أنظار الجميع، فإنّ الدورة الحالية ستنتج العديد من المفاجآت. وبدأت صحيفة «التجديد» الناطقة باسم «حزب العدالة والتنمية» الإسلامي تعبِّئ الرأي العام ضد تنظيم سهرة يحييها «مثلي»! وقد كتب مصطفى الخلفي في الجريدة أن «إلتون جون سبق أن أساء إلى المسيح واتهمه بالمثلية الجنسية».
من جهة أخرى، وجد «مهرجان موازين» نفسه أحياناً في قلب صراعات ومواقف سياسية كان ينبغي له مراعاتها. هكذا، تعالت الأصوات التي دعت المهرجان إلى عدم استقبال خوليو إيغليسياس، الذي تطوع لإحياء حفلة فنية في إسرائيل عام 2009. علماً بأنّ المغني الإسباني سيقدّم أمسيته في 23 أيار (مايو) ضمن فعاليات المهرجان. والمعروف أنّ الجمهور المغربي يرفض استقبال أيّ فنان متعاطف مع إسرائيل، إضافةً إلى أن المهرجان يُنظَّم في توقيت سيّئ، أي مع نهاية العام الدراسي، حيث يكون الطلاب في غمرة امتحاناتهم الجامعية والمدرسية.
يشار إلى أن الدورة التاسعة التي بلغت ميزانيتها 27 مليون درهم (أكثر من ثلاثة ملايين دولار) سيفتتحها مغني الجاز الأميركي آل جارو Al Jarreau والفنانة اللبنانية ماجدة الرومي.


برنامج منوّع