آخر «إنجازات» الرقابة منع بثّ حلقة من برنامج ناجح يعرض على القناة الحكومية، في وقت أطلق الشباب التونسيون حملة تطالب بإلغاء حجب المواقع والمنتديات
تونس ـ سفيان الشورابي
يبدو أنّ وزير الاتصال التونسي أسامة الرمضاني لا يأبه كثيراً بخطاب الرئيس زين العابدين بن علي الذي يكرّر بمناسبة أو بدونها، أنّه لا محرّمات في الإعلام التونسي. آخر «إنجازات» الوزارة، كانت منع بثّ حصة من برنامج «الحق معاك»، بأمر من وزير الاتصال من دون توضيح الأسباب.
هذا البرنامج الذي تعدّه شركة إنتاج خاصة لمصلحة قناة «تونس 7» الحكومية، ويقدّمه معز بن غربية، يهتمّ بالقضايا الاجتماعية ويعرض الخلافات التي تحصل بين المواطنين والجهات الإدارية. ويلقى البرنامج إقبالاً كبيراً.
موضوع الحلقة التي فرض الوزير الرقابة عليها يتعلّق بمشكلة عمال «المركز الثقافي» في مدينة الحمامات الساحلية، المحرومين من حقوقهم المالية التي يكفلها القانون لهم. خلال تصوير الحلقة، تمكنت وزارة الثقافة من تسوية وضعية البعض من المتضررين في انتظار النظر في ملفات بقية العمال. الخلاف عادي ولا يثير القلق. غير أن وزير الاتصال الذي سمح لنفسه بمراقبة جميع حلقات «الحق معاك» قبل ساعات من بثها، قرر فرض رقابة على هذه الحلقة تحديداً من دون أن يبذل مسؤولو التلفزيون عناء تقديم مبرر أو حتى الاعتذار من الجمهور.
مقاطع فيديو وصور تهزأ من عبثية الرقابة
إلا أن الأمر الأكثر غرابة الذي يرسم علامات استفهام، هو كون شركة «كاكتوس» التي تعد برنامج «الحق معاك» مملوكة من أحد أقارب الرئيس التونسي، وهو يحظى بنفوذ وحظوة لا حدود لهما، فما جدوى ممارسة رقابة على أحد الأطراف المقربين من الحكم؟
وفي وقت تزداد الرقابة يوماً بعد يوم على وسائل الإعلام، أطلقت مجموعة من الشباب التونسي حملة من أجل إلغاء الرقابة الإلكترونية التي تمارسها السلطات التونسية منذ سنوات. ومنذ أكثر من أسبوعين، يقوم عشرات الآلاف منهم بتحركات مختلفة تطالب بإلغاء عمليات الحجب التي تمارسها أجهزة الحكومة التونسية ضد المواقع والمدوّنات الإلكترونية المعارضة وحتى بعض المواقع المعروفة مثل «يوتيوب»، و«دايلي موشن»، و«فليكر»، و«الجزيرة.نت».
وقد نشر العشرات من التونسيين على مدوّناتهم، وخصوصاً على «فايسبوك»، صورهم الشخصية مرفقة بلافتات تحمل عبارة «سيّب صالح» (وهي عبارة يتداولها التونسيون عندما يشعرون بالاستياء من تصرفات معينة). كما نشر آخرون مقاطع فيديو وصوراً تهزأ من عبثية عمليات الرقابة الممارسة.
وقررت مجموعة من المدوّنين نشر رسالة موجهة إلى رئيس الدولة ذكروا فيها أن جزءاً من الشباب التونسي يشعر «بالإحباط بسبب حرمانه من الدخول إلى مواقعه الإلكترونية المفضلة. والبعض ممن أراد المشاركة في نقاش الشأن العام، تعرضت مواقعهم الشخصية إلى الحجب». وطالبوه بـ«اتخاذ الإجراءات اللازمة بحيث لا يحجب أي موقع بصفة غير قانونية دون الاستناد إلى قرار قضائي، وهو ما يتعارض مع الفصل الثامن من دستورنا والفصل التاسع عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان».
والأكيد حتى الآن، أنّ هذه الحملة التي تخاض على شبكة الإنترنت تأتي في إطار تزايد الوعي لدى قسم من التونسيين للمطالبة بحقهم في التعبير وحرية الوصول إلى المعلومة... وخصوصاً أن الحجب لا ينفصل عن سياسة عامة تنفّذها الحكومة التونسية لمحاربة حرية الرأي.