اكتشافه أهمية الثقافة الشفوية، والنكتة، والأدب الشعبي، جعله يكرّس جهوده الأخيرة، في توثيق هذه الظواهر في المجتمع السوري، معتبراً النكتة بوصلةً في معرفة طبائع البشر. هكذا، أنجز عناوين عدة في هذا السياق: «بيان الحد في الهزل والجد: دراسة في أدب النكتة»، و«شمسات شباطية»، ودراسته المهمة عن «ألف ليلة وليلة» في كتابه «خير الزاد من حكايات شهرزاد».
«عين الزهور» سيرة باحث وثّق النكتة لمعرفة طبائع البشر
لا تفترق «عين الزهور» في قيمتها الفكرية عن بقية أعمال هذا الباحث، فهو لم يغادر موقعه كمثقف نقدي، بل وسّع الدائرة لتشمل مناطق فكرية وسوسيولوجية مهملة، في تأكيده على غنى الأدب الشعبي، وضرورة توثيقه، وقراءة إحالاته الاجتماعية والسياسية. بهذا المنظار، وثّق مئات النكات المتداولة في الساحل السوري في «شمسات شباطية»، وكان انكبابه على دراسة «ألف ليلة وليلة» قراءة مغايرة لما سبقها، تنطوي على جهد معرفي خلّاق، أضاء دور الحكاية ووظائفها في مجتمع شهرزاد وأزاح اللثام عن مفاهيم مبتكرة في تعدد طبقات الحكي في الليالي العربية.
في الذكرى التاسعة لغياب صاحب «على دروب الثقافة الديمقراطية»، سنفتقد مجدداً واحداً ممن أسسوا لكتابة نهضوية لثقافة العصيان، من دون ادعاء، إذ ظل يعمل بعيداً عن الأضواء إلى آخر لحظة من حياته.